للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزله لتولية الأفضل، وإن لم يجد إلا من هو دونه؛ فلا يعزله، فإن عزله؛ لم تنفذ عزلته.

قلت: في عدم نفوذ عزلته نظر؛ لأنه يؤدي إلى لغو توليته غيره، فيؤدي ذلك إلى تعطيل أحكام المسلمين.

ابن الحاجب: إن عزله عن سخطه؛ فليظهره، وعن غيره؛ فليبرئه، وقد عزل عمر شرحبيل فقال: أعن سخطة يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا، ولكن وجدت أقوى منك، قال: إن عزلك عيب، فأخبر الناس بعذري ففعل، وتعقبه ابن عبد السلام احتجاجه بقضية شر حبيل؛ لأن تبرئته كانت بطلب ذلك لا ابتداء من عمر؛ يرد بأن إجابته توجب كونه حقًا له فيجب؛ بل يرد بعموم دعواه في كل واد، وخصوص حجته بالإمام المعلوم؛ كون أفعاله لا عن هوى كعمر، ولا يلزم من لزوم تبرئته المبرأ؛ حيث العزل من مثل عمر لزومه من حيث كونه من غيره؛ لجواز كونه عن هوى، ولا يخفى حال الولاة في ذلك، وقد انتهى الأمر؛ لكون العزل لتولية الغير بالرشا.

الشيخ: لابن حبيب عن أصبغ: لا ينعزل القاضي بموت موليه الإمام أو أميره.

المازري: ذكر أصحاب الشافعي: إن ولى القاضي رجلًا على أمر معين؛ كسماع بينة؛ انعزل عن ذلك بانعزال القاضي، وإن ولاه حكومة مستقلة؛ ففي انعزاله بانعزاله ثالثها: إن لم يكن بإذن من ولاه؛ قلت: لم يعز المذهب منها شيئًا، ومفهوم ما تقدم لأصبغ انعزال نائب القاضي في حكم بموته أو عزله.

وفيها: إذا مات القاضي أو عزل، وفي ديواه شهادة البينات وعدالتها؛ لم ينظر فيه من ولي بعده، ولم يجزه إلا أن تقدم عليه بينة، وإن قال المعزول: ما في ديواني شهدت به البينة عندي؛ لم يقبل قوله، ولا أراه شاهدًا، فإن لم تقم بينة على ذلك؛ أمرهم القاضي المحدث بإعادة البينة، وللطالب أن يحلف المطلوب أن هذه الشهادة التي في ديوان القاضي ما شهد عليه بها أحد، وتمامها يأتي في الشاهد واليمين، وعبر ابن الحاجب عن ذلك بقوله: ولو قال بعد العزل: قضيت بكذا، أو شهد بأنه قضى؛ لم يقبل، ومفهوم قوله: بعد العزل؛ أنه قبل العزل يقبل قوله مطلقًا، وليس كذلك، وسمع أصبغ ابن القاسم: شهادة القاضي بقضاء قضى به وهو معزول أو غير معزول؛ لا يقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>