الصقلي: اختلف هل يقضي في الطريق؟ فقال أشهب: لا بأس بقضائه، وهو ماش إن لم يشغله المسير، وزحمة الناس، والنظر إليهم، وقال سحنون: لا يقضي وهو ماش، ولا يكلم أحدًا من الخصوم، ولا يقف معه.
قلت: ففي جوازه ماشيًا ثالثها في مسألة نص أو خفيف اجتهاد لأشهب وسحنون.
واللخمي عن المذهب قال: ولا يجلس للقضاء، وهو على صفة يخاف بها أن لا يأتي بالقضية صوابًا، وإن نزل به في قضائه تركه؛ كالغضب والضجر والهم والجوع والعطش والحقن، وإن أخذ من الطعام فوق ما يكفيه؛ لم يجلس.
قلت: يريد: إن أدخل عليه تغييرًا قال: وأصل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان"، أخرجه البخاري، قلت: ومسلم من حديث أبي بكرة.
قلت: اتفق العلماء على إناطة الحكم بأعم من الغضب، وهو الأمر الشاغل، وإلغاء خصوص الغضب، وسموا هذا الإلغاء، والاعتبار بتحقيق المناط.
المتيطي في كتاب القرويين: إن حكم وهو غضبان؛ جاز حكمه خلاف الداودي، وفرق ابن حبيب بين الغضب الكثير واليسير.
اللخمي: اختلف إن دخله ضجر، فقال ابن عبد الحكم: لا بأس أن يحدث جلساءه إذا مل يروح قلبه، ثم يعود للحكم، وقال ابن حبيب: يقوم والأول أحسن، وهو أخف من قيامه، وصرف الناس.
قلت: هذا إن ناله ذلك في أول مجلسه، ولأن ما مضى له ما له بال؛ فالثاني أصوب، وعن الصقلي: الأول لأشهب، والثاني للأخوين.
اللخمي: لا يحكم متكئًا؛ لأن فيه استخفافًا وللعلم حرمة.