وقال ابن عبد الحكم: لا بأس بقبولها ممن عرف قبوله منه قبل ولايته من إخوانه.
قلت: ففي جواز قبوله إياها من شبه الوالد والولد فقط، وإلحاق الخالة والعمة وبنت الأخ بهم ثالثها: كمن يكافئه بمثلها قرب أو بعد، ورابعها: ممن عرف قبوله من قبل ولايته.
للأخوين وسحنون وأشهب وابن عبد الحكم في طرر ابن عات إثر هذا الفصل: ابن حبيب: للإمام أخذ ما أفاده العمال، ويضمه إلى ما جبوا قال: وكل ما أفاده الوالي من مال سوى رزقه في عمله، أو قاض في قضائه، أو متولي أمرًا للمسلمين؛ فللإمام أخذه للمسلمين، وكان عمر رضي الله عنه إذا ولى أحدًا أحصى ماله؛ لينظر ما يزيد، ولذا شاطر العمال أموالهم حيث كثرت، وعجز عن تمييز ما زادوه بعد الولاية، قاله مالك، وشاطر أبا هريرة وأبا موسى وغيرهما.
ابن عبد الغفور: ما أهدي للفقيه من غير حاجة؛ جائز قبوله، وما كان لرجاء العون في مسألة على خلاف المعمول به؛ لم يحل قبولها، وهي رشوة، وكذا ما أهدى له ذو خصومة ليعينه فيها، وقال بعض المتأخرين: ما أهدي للمفتي إن كان ينشط للفتيا أهدي له أم لا؟ فلا بأس به، وإن كان إنما ينشط إذا أهدي له؛ فلا يأخذها، وهذا ما لم تكن خصومة، والأحسن أن لا يقبل من صاحب فتيا؛ وهو قول ابن عيشون، وكان يجعل ذلك رشوة.
قلت: قد يخفف قبولها لمن كان محتاجًا، ولاسيما إن كان اشتغاله بأصولها يقطعه عن التسبب، ولا رزق له عليها من بيت المال، وعليه يحمل ما أخبرني به غير واحد عن الشيخ القيه إلى علي بن علوان أنه كان يقبل الهدية، ويطلبها ممن يفتيه.
وفي الطرز: وظاهره لابن عيشون، ومن هذا انقطاع الرغبة للعلماء والمتعلقين بالسلطنة؛ لدفع الظلم عنهم فيما يهدونه لهم، ويخدمونهم هو باب من أبواب الرشوة؛ لأن دفع الظلم واجب على كل من قدر على دفعه عن أخيه المسلم وعن الذمي.
قال ابن عيشون: أجاز بعضهم إعطاء الرشوة إذا خاف الظلم على نفسه، وكان محقًا.