للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يراه، ومثله في سماع أشهب وأصبغ، وفي حفظي عن بعضهم إن قال لخصمه: ظلمتني أو غصبتني ونحوه بالفعل الماضي أو تظلمني؛ فلا شيء عليه، وإن قال: يا ظالم ونحوه باسم الفاعل؛ أدب إن لم يترجم.

وسمع أيضًا: أرأيت من يقول للقاضي: ظلمتني، قال مالك: يختلف، ولم يجد فيه تفسيرًا إلا أن وجه ما قال: إن أراد أذاه، والقاضي من أهل الفضل عاقبه، وما ترك ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الإلداد.

ابن رشد: للقاضي الفاضل العدل أن يحكم لنفسه، والعقوبة على من تناوله بالقول، وأذاه بأن ينسب إليه الظلم والجور مواجهة بحضرة أهل مجلسه بخلاف ما شهدته عليه أنه آذاه وهو غائب؛ لأن مواجهته من قبيل الإقرار، وله الحكم بالإقرار على من انتهك ماله، وإذا كان له الحكم بالإقرار في ماله؛ كالحكم لغيره، كأن جرى أن يحكم بالإقرار في عرضه، كما يحكم به في حكم عرض غيره؛ لما في ذلك من الحق لله؛ لأن الاجتراء على الحكام بمثل هذا توهين لهم، فالمعاقبة فيه أولى من التجافي، وهو دليل قوله: وما ترك ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الإلداد؛ ولذا قال ابن حبيب: العقوبة في هذا أولى من العفو.

الشيخ: لابن سحنون عنه: إن قال الخصم لمن شهد عليه: شهدت علي بزور، أو بما سألك الله عنه، أو ما أنت من أهل الدين، ولا من أعمل العدالة؛ لم يكن ذلك لأهل الفضل، ويؤدب المعروف بالإذاية بقدر جرمه، وقدر الرجل المنتهك حرمته، وقدر الشاتم في إذاية الناس، وإن كان من أهل الفضل، وذلك منه فلتة تجافى عنه، ولابن كنانة: إن قال له: شهدت علي بزور، فإن عنى أنه شهد عليه بباطل؛ لم يعاقب، وإن قصد أذاه أو الشهرة به؛ نكل بقدر حال الشاهد والمشهود عليه.

ابن عبد الحكم: إن قال للقاضي: اتق الله؛ فلا ينبغي أن يضيق لذلك، ولا يكثر عليه، وليثبت ويجيبه جوابًا لينًا يقول رزقني الله تقواه، أو ما أمرت إلا بخير، أو من تقوى الله أن آخذ منك الحق إذا بان لي، ولا يظهر لذلك غضبًا.

الشيخ عن ابن عبد الحكم: وأحب إلي أن يجعل القاضي رجالًا من إخوانه يثق بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>