فإن قلت: هل يتخرج مما وقع في بعض التعاليق عن ابن الماجشون، وجماعة من أصحاب مالك، وحكاه المازري: أنه وقع في المذهب أن من ابتاع عبدًا؛ ردت شهادته بعتقه لا يعتق عليه، ولو بقي على إقراره، مثل قول الحنفي والجامع بينهما اعتبار حكم الحاكم الصحيح بظاهره الباطل بباطنه، فعدم إيجاب العتق على الشاهد به مع إقراره إنما هو لاعتبار حكم الحاكم الصحيح بظاهره الباطل بباطنه؛ فيلزم مثله في مسألة بينة الزور في مسألة الحنفي.
قُلتُ: يرد بمنع كون الحكم في مسألة العتق باطلًا في الباطن، بل هو صحيح فيه؛ لأنه لا يرد شهادته لفسقه، والحكم برد شهادة الفاسق حق، ولو شهد بحق، وليس القول بعدم وجوب العتق على الشاهد المردودة شهادته بموجب كون الحكم المذكور متعلقًا بباطل في باطن الأمر، وإنما لم يجب عتقه عليه عند قائله؛ لأن متعلق شهادته، وإقراره إنما هو إنشاء ربه عتقه وهو يكذبه لا أنه حر؛ بل كونه حرًا لازم لماهية إعتاقه ربه، فلما لم يثبت ماهية إعتاقه ربه؛ لم يثبت لازمها، وهو حريته، فلم يحكم عليه بها هذا تقرير وجهه، ولما حكى المازري هذا القول قال: قد يسبق للنفس أنه شبه قول الحنفي، ولعلنا أن نبسط المسألة إن شاء الله.
ابن شاس: إنما القضاء إظهار لحكم الشرع لا اختراع له، فلا يحل للمالكي شفعة الجوار إن قضى بها الحنفي، وتبعه ابن الحاجب.
قال ابن عبد السلام: هكذا قالوا، وليس بالبين؛ لأن ما تقدم الظاهر فيه مخالف للباطن، ولو علم القاضي كذب البينة ما حكم بها إجماعًا، وفي هذه الصورة الباطن؛ كالظاهر، وما قلناه هو ظاهر كلام السيوري في بعض مسائله.
قُلتُ: ظاهر قوله: هكذا قالوا مع عزوه ما ظهر له من خلاف ذلك للسيوري؛ أن المذهب ما قاله ابن الحاجب، وليس كذلك؛ بل مقتضى المذهب خلافه.
قال المازري في ائتمام الشافعي بالمالكي وعكسه: الإجماع على صحته، واعتذر عن قول أشهب: أن من صلى خلف من لا يرى الوضوء من القبلة؛ يعيد.
وفي كتاب الزكاة منها: إن لم يبلغ حظ كل واحد من الخليطين ما فيه الزكاة، وفي