للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عياض: وأوجه ما فيه عندي: أن الحكم يتوجه مرة على الطالب، ومرة على المطلوب، فيقول لهما: ذلك على الانفراد، فصح اختصار ذلك في لفظ واحد.

اللخمي: اختلف إذا لم يثبت على المدعي عليه بتلك الدعوى شيء هل يكتب له بذلك حكم؟ فقال عبد الملك: من ادعى شسيئًا، وعجز عن تزكية بينة له، فقال المطلوب للقاضي: احكم بعجزه؛ لئلا يقوم بها على ثانية؛ ليس ذلك على الاقاضي، وقال مطرف: عليه ذلك، واختلف إن أتى بعد ذلك من يزكيها، أو بينة عدلة بعد ذلك، فأصل مالك وابن القاسم: أنها تقبل، وقال مطرف: لا تقبل إلا في العتق والطلاق والنسب.

وسمع يحيى ابن القاسم في كتاب الشهادات: إذا قضى القاضي لرجل، وسجل له، وأشهد له عليه، ثم قام المحكوم عليه بينة تجريح بعض من حكم به؛ قبل يمينه إن رأى له وجهًا، كقوله: جهلت سوء حالهم حتى ذكر لي، وظهر أنه غير ملد، ومن ولي بعد القاضي في ذلك مثله إن كان ادعاه عند الأول، وإن كان لم يقم به عند الأول.

ابن رشد: تمكينه من التجريح بعد التسجيل عليه إن كان له وجه كقولها: وسكت عن جواب إن قام بذلك عند من ولي بعد الأول، ولم يقم به عنده وفيه ثالثها: لا يمكنه منه القاضي المسجل، ويمكنه من ولي بعده هذا في المطلوب، وفي الطالب رابعها: قول ابن الماجشون: الفرق بين أن يعجزه في أول قيامه قبل أن يجب على المطلوب عمل، وبين أن يعجز بعد أن وجب على المطلوب عمل، ثم رجع على الطالب، وهذا الاختلاف؛ إنما هو إن عجزه القاضي بإقراره بالعجز، ولو عجزه بعد التلوم والإعذار، وهو يدعي أن له حجة؛ لم يقبل منه ما أتى به من حجة بعد ذلك؛ لأن ذلك قد رد من قوله قبل نفوذ الحكم عليه.

وسمع أصبغ ابن القاسم: من ادعى على نكاح امرأة أنكرته بينة بعيدة؛ لم ينتظر إلا في بينة قريبة، ولا يضر ذلك بالمرأة، ويرى الإمام لما ادعاه وجهًا، فإن عجزه، ثم أتى ببينته، فقد مضى الحكم نكحت المرأة أم لا؟.

ابن رشد: لا يقبل منه بينة بعد التعجيز خلاف سماع أصبغ من كتاب الصدقات وظاهر المدونة؛ إذ لم يفرق فيها بين تعجيز الطالب أو المطلوب، ثم ذكر ما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>