ابن رشد: ضرب الأجل للمحكوم عليه فيما يدعيه من بينة مصروف لاجتهاد الحاكم بحسب ما يظهر له من حال المضروب له الأجل، والأصل فيه قول عمر في كتبه لأبي موسى الأشعري من قوله: واجعل لمن ادعى حقًا غائبًا أو بينةً أمرًا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة؛ أخذت له بحقه، وإلا استحللت عليه القضية، والذي مضى عليه عمل الحكام في التأجيل في الأصول ثلاثون يومًا تضرب له عشرة أيام، ثم عشرة أيام، ثم يتلوم له بعشرة، أو ثمانية، ثم ثمانية، ثمانية، ثم يتلوم له بستة، أو خمسة عشر يومًا، ثم ثمانية، ثم أربعة، ثم يتلوم له تتمة ثلاثين يومًا، أو يضرب له أجلًا قاطعًا من ثلاثين يومًا يدخل فيه التلوم والآجال كل ذلك مضى من فعل القضاة، وهذا مع حضور بينة في البلد، وإن كانت غائبة عن البلد فأكثر من ذلك على ما تضمنه هذ االسماع من اجتهاد الحاكم، قلت: ذكر ابن فتوح نحو هذا، وقال بتفريق الآجال جرى العمل، وعليه ثبتت السجلات، وليس يضرب لمن ذهب لاستدفاع يمين واجبة عليه مثل الآجال المذكورة، وإنما يؤجل في ذلك إذا زعم أن عنده ما يدفع عنه اليمين الأجل القريب ثلاثة ونحوها؛ لأن قوله هذا محمول على اللدد، والآجال في الديون والحقوق دونها في الخصام في العقار والأصول، وتختلف الآجال في الأصول باختلاف أحوال المضروب لهم.
اللخمي: ويقدم القاضي الخصوم الأول فالأول، إلا المسافر أو ما يخشى فوته، وإن تعذر معرفة الأول؛ كتب أسماؤهم في بطائق، وخلطت، فمن يخرج اسمه؛ بدئ به، وذلك كالقرعة بينهم.
وزاد المازري: إذا وجب تبدئة الأسبق، فقال أصحاب الشافعي: إنما يقدم الأسبق في خصام واحد لا في سائر مطالبه، وهذا مما ينظر فيه إن سبق بخصمين؛ قدم في خصومته فيهما معًا، وإن كان مما لا يطول، ولا يضر بالجماعة الذين بعده.
قُلتُ: ظاهره: أن هذا غير مخصوص لأصحابنا.
وفي النوادر عن أصبغ: إذا قضى بين الخصمين في أمر اختصما فيه، ثم أخذا في حجة أخرى في خصومة أخرى، فإن كان بين يديه غيرهما؛ لم يسمع منهما حتى يفرغ ممن بين يديه إلا أن يكون شيء لا ضرر فيه لمن حضره؛ فلا بأس أن يسمع منهما.