بصيرة في كل ذلك، فقال: هما خبران غير أن المخبر عنه إذا كان لا يختص بمعين فه الراية كقوله صلى الله عليه وسلم: ((الأعمال بالنيات))، والشفعة فيما لا ينقسم لا يختص بشخص معين؛ بل هو في كل الخلق والأعصار والأمصار بخلاف قول العدل عند الحاكم: لهذا عند هذا دينار؛ إلزام لمعين لا يتعداه، فهذا هو الشهادة، والأول هو الرواية، ثم تجتمع الشوايب بعد ذلك، ووجه مناسبة شرط العدل في الشهادة، وبقية الشروط أن إلزام المعين يتوقع فيه عداوة باطنة؛ لم يطلع عليها الحاكم، فاختلط الشارع لذلك، فاشترط معه آخر، وناسب شرط الذكورية؛ لأن إلزام المعين حكمًا غلبة وقهرًا تأباه النفوس الأبية، فهو من النساء أشد نكاية، فخفف ذلك عن النفوس بشرط الذكورية؛ ولأنهن ناقصات عقل ودين، واستقام تخريج الخلاف في رؤية هلال رمضان؛ لاشتماله على مثالية الخبر وهي العموم؛ لأنه لا يخص واحدًا بعينه وشائبة الشهادة؛ وهي خصوصة هذا العام، وأهل هذا القطر الطرق.
ثم قال: إن قلت: ما قررته من أن الشهادة حقيقتها التعلق بجزء، والرواية حقيقتها التعلق بكل منتقض، أما في الشهادة؛ فقد تنقض كالشهادة بالوقف على الفقراء إلى يوم القيامة، وكون الأرض عنوة أو صلحًا، فإنها كذلك إلى يوم القيامة، أما في الرواية؛ فإنها قد تكون في الأمور الجزئية؛ كالإخبار عن النجاسة بالماء المعين والثوب المعين، وأوقات الصلوات، وأوقات الصلوات، وأجاب عن الأول بأن العموم فيما ذكر من الشهادة إنما هو بالعرض، ومقصودها الأول؛ إنما هو جزئ، أما الوقف؛ فالمقصود بالشهادة فيه إنما هو الواقف لينزع منه المال الموقوف، وكون الموقوف عليه غير معين لا يقدح في ذلك.
وأما كون الأرض عنوة أو صلحًا؛ فلم أر فيه لأصحابنا نصًا، وأمكن أنه من باب الخبر والرواية؛ لعدم الاختصاص في المحكوم عليه، وأمكن كونه من باب الشهادة