الشاهد والمشهود له أن يعلما بالمجرح، فقد يكون بينه وبين أحدهما عداوة، أو بينه وبين المشهود عليه قرابة، أو غير ذلك مما يمنع التجريح، ويختلف إن كان الشاهد والمشهود له ممن يتقى شره، فقال سَحنون: يعلم بالمجرح، ثم قال: دعني حتى أنظر.
وقيل لابن القاسم: أيجرح الشاهد سرَّا؟ وقد يقول المجرح: نكره عدواة الناس.
قال: نعم، إن كانوا عدولاً.
اللخمي: قول سَحنون أحسن؛ لفساد قضة اليوم، ولو اجتهد ثقات المبرز في العدالة في وجوه الكشف هل بين المجرح والمشهود له عداوة، أو بين المشهود عليه أو المجرح قرابة، والمجرح مبرز في العدل، والآخر ممن يخاف إذا أعلم؟ رأيت أن لا يعلم، وهذا من تغليب أحد الضررين، وإذا علم المجرح أنه يعلم به مثل هذا الذي يخاف لم يجرحه، وقد رأيت من تقبل شهادته، وليس من أهل الشهادة، ولا يجرحون خوفًا منهم.
قال ابن رُشْد في السماع المذكور: واختلف إن أراد الشاهد على الجراحة أن يشهدا سرًا لما يجر ذلك من العداوة بينهما وبين المجرح.
فقال ابن حبيب: لا تقبل إلا علانية؛ إذا لابد من الإعذار في شهادتهما للمشهود له الأولز
ولابن عبدوس عن ابن القاسم: تقبل شهادتهما في السر؛ لعلة العداوة، وهو قول سَحنون قال: التزكية علانية، والتجريح سرًا، ولا آمرهم أن يسبوا الناس.
ولابن حبيب عن الأخوين: ويؤجل المشهود عليه في دعوى جرح الشاهد عليه.
ابن فتوح: كسائر الدعاوي بحسب اجتهاد القاضي، وتقدم لابن رُشْد وغيره كيفيَّة إعطائه الآجال بعد أن يقيم المطلوب حميلاً بالخصومة، قاله ابن فتوح وغيره.