قولا سًحنون وابن القاسم هذا، فلو طلب تعديله بالقرب على قول سَحنون، أو بالبعد على قول ابن القاسم، فعجز عن ذلك لفقد من عدله أولًا؛ وجب قبول شهادته؛ لان طلب تعديله ثانية؛ إنما هو استحسان، والقياس الاكتفاء بتعديله أولًا ما لم يهتم بأمر حدث، وهو قول الأخوين في الواضحة، وقول أَصْبَغ تفسير لقول ابن القاسم، ورواه ابن سَحنون.
قُلتُ: فالأقوال ثلاثة، والعدل قديمًا وحديثًا على قول سَحنون، ولو شهد في يوم تزكيته، واستشكل بيان تعديله، وهي التزكية في عرفنا إن أثبت تعديله؛ لزم قبوله فيما شهد به ثانيًا، وإلا لزم قبول غير العدل وهو باطل، ويجاب بأن من شرط تعديله في النازلة الجزئيَّة؛ علم من عدله ضبطه إياها، ولا يلزم من علمه ضبطه نازلة معينة علمه ضبطه في نازلة أخرى، وعزا اللخمي لابن كنانة مثل قول سَحنون.
وللشيخ عن أشهب في المجموعة: إن شهد فعدل، ثم شهد، فإن كان بعد زمن نحو خمس سنين؛ سئل عنه المعدل الأول، فإن كات؛ سئل معدلًا ثانيًا، وإلا لم يقبل.
وكذا نقله الصقلي بإثبات نحو قبل خمس سنين، ونقله ابن عبد السلام بحذفها خلافه.
ابن الحاجب: ولو شهد مزكى، قد شهد فثالثها: إن لم يغمز فيه بشيء؛ لم يحتج، ورابعها: إن كان المزكي مبرزًا؛ لم يحتج، فقبلها ابن عبد السلام قائلًا: هذا الأقوال منصوص عليها في المذهب.
زاد ابن هارون بعزوه الرابع لابن كنانة، ومقضتى لفظ ابن الحاجب إلى لأولى الاكتفاء بتعديله، ولو غمز فيه بشيء، وهذا لا أعرفهن وعزوه لابن كنانة وهمٌ لنقل الشَّيخ عنه ما نصه: قال ابن كنانة: أما الذي ليس بمعروف، فيعدل، ثم يشهد؛ قليؤتنف فيه تعديل ثان، وأما المعروف بالعدالة في بلده؛ يشهد، فيعدل، ثم يشهد في شيء آخر، فالتعديل الأول يجزئ فيه حتى يجرح فيه بأمر بين.
قُلتُ: فتفصيل ابن كنانة؛ إنما هو في الشاهد المزكى لا فيمن عدله، وتحقيق ذلك