وفي طرر ابن عات" قال إياس بن معاوية: ما بالبصرة أفضل من عطاء السلمى، وما أقبل شهادته على درهم واحد.
قُلتُ: ولذا أخبرني بعض من لقيت عن بعض ِشُيُوخنا" أن الشَّيخ الفقيه ابن الخباز: كان ولي القضاء ببلده بالمهديَّة في أوائل أمره، فكان يخرج لزيارة بعض صلحاء ساحل المهدية، ويتبرك به، وإذا شهد عنده شهادة لا يحكم بها؛ لتغفله عنده، وهذا شأن أهل الحق، ونحوه قول ابن شعبان في زاهيه" والعابد الذي لا يميز بين الألفاظ، وشغلته عبادته من معاني أفعال الناس، ينبغي أن يتوقف عن الحكم بشهادته حتة تختبر كيفيتها.
قُلتُ: ولهذا يجب لغو ارتهان من هو من هذا النمط فيمن يطلب تقديمه للشهادة، وينبغي إعلامه ذلك، وإنه لا يحل له طلب ذلك؛ لأن فيه تعريضًا بنفسه، وابن الخباز هذا قال: الشَّيخ الفقيه المحدث الرحال أبو العباس؛ عرف بالعشاب هو أبو عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم العواتي، تفقه بالمهديَّة على أبي زكرياء البرقي، رحل إلى المشرق سنة أربع وعشرين وستمائة، أخذ بمصر عن عز الدين ابن عبد السلام وغيره، وقرأ الحاصل على مؤلفه تاج الدين الأرموي، ورجع إلى المهديَّة بعلم كثير فدرس وأفتى، ثم نقله الخليفة للحضرة، وقلده قضاء الجماعة بتونس سنة ستين وستمائة، كان موصوفًا بدين وعقل، توفي في جمادى الأخرى سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
قُلتُ: وأخبرني بعض من لقيت عن من أخبره من بعض اهل داره انه سمعه ليلة، وهو يقول مشيرًا إلى نفسه: أي علم هاهنا لم أجد من ألقه إليه، وقول ابن الحاجب إثر قول ابن عبد الحَكم، وقيل: إلا فيما لا يكاد يلبس فيه، وقبوله ابن عبد السلام، وابن هارون لا أعرفه إلا تقييدًا.
قال المازري: إطلاق المتقدمين رد الشهادة بالبله والغفلة، قيده بعض المتأخرين بما كثر من الكلام والجمل المتعلق بعضها ببعض لا في نحو قوله: رأيت هذا الشخص أو سمعته قال: هي طالق، وقال الأصوليون: رواية من قل تغفله مقبولة إلا فيما لاح