ابن رُشْد: فى تسوية أشهب بين شهادتهم بزناه، وشهادتهم بقتله نظر؛ لأن شهادتهم بقتله واجبة إن دعوا إليها، ومستحبة إن لم يدعوا، فواجب قبول شهادتهم بذلك، ومالم يتهموا على إرثه، أو الراحة من النفقة عليه، وشهادتهم بزناه مكروهة؛ لأنهم مأمورون بالستر على أنفسهم، وعلى الناس؛ فالصواب رد شهادتهم بزناه؛ لأنها عقوق إلا أن يعذورا بجهل، أو لأنهم دعوا إلى الشهاده عليه، مثل أن يقوم بحد على من قذفه بالزنا، فسأل القاذف بنيه أن يشهدوا له بزناه؛ ليسقط عنه حد قذفه، وعليه فينبغى حمل قول أشهب.
وقال ابن لبابة: شهادتهم بما يوجب قتله جائزة، ولو كان معدمًا، ولا يتهم العدول بالميراث، ولا بطرح النفقة، وهو قول وجه فى المبرز فى العدالة الفائق فى الفضل حيث تتعين عليه الشهادة، ويأتى على قياس قول ابن القاسم فى الإمام: يشهد عنه فى المرأة المحصنة أربعة بالزنى؛ أحدهم: زوجها فلا يعلم بذلك حتى رجمها أنه يرثها ويحد، إلا أن يلاعن خلاف قول أصْبَغ: لا يرثها.
قُلتُ: كذا وقع فى غير نسخه من البيان قول أشهب: أولاً فى شهادته بزناه ترد إن موسرًا، وإجازتها إن كان معدمًا، وقوله ثانيًا فى شهادتهم بقتله عمدًا: أنها ترد، وإن كان معدمًا للراحة منه لأجل النفقة عليه، وهو كلام ظاهر تناقضه، والعجب من ابن رُشْد فى عدم تعرضه إليه، ويمكن رفعه بحمل المعدم فى قوله: أولاً على العدم الذى لا ينتهى لإيجابه نفقته عليهم، أو على أنهم لا فضل مال لهم؛ يجب عليهم فيه نفقته، ويحمل العدم فى قوله ثانيًا على أنه الموجب نفقته عليهم، وأنهم أملياء بها، وظاهر ما نقله الصقلى عن ابن اللباد: أنه لا يحفظه لمتقدم قبله، وهو نص أشهب المتقدم الشهاده بقتله.
ونقل الشَّيخ فى نوادره كنقل الصقلى لا تناقض فيه.
ابن رُشْد: وإذا سقطت شهادتهم بأى وجه؛ وجب حدهم، وقال سَحنون: إذا سقطت بالظنة، ولا فرق بين سقطها أو بالجرحة.