للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهاجرته مقابحة بقول أو فعل، وعبر عنه المازرى بقوله: لكون من عودى أفرط فى إذاية معاديه، والوقيعة فيه، حتى صار المعادى يجب الانتصار لنفسه، ويحمله ذلك على قبول الباطل، فإن هذا يصير العداوة من الجانبين ليست من أسباب الدنيا.

ولسحنون: إن شهد رجل آخر، فبعد نحو شهرين، شهد المشهود عليه على الشاهد؛ لم تقبل شهادته عليه، فرأى أن الشهادة الأولى توجب عداوة فى نفس المشهود عليه، والشاهد الأول لم يبد منه ما يدل على العداوة؛ لكنه بدا من الثانى ما يستدل به عليها فى حق نفسه؛ فلذا ردت شهادته، وما قاله على الإطلاق قد يتعقب، ولا بد من اعتبار دين الشاهدين، وبروزهما فى العدالة، وكون الشهادة الأولى لم تقع بما يوجب حقدا؛ لاحتقار ما شهد به الشاهد الأول

قال ابن الحاجب إثر نقله رد الشهادة: لعداوة فى أمر دنيوى.

قال سحنون: ومثله لو شهد المشهود عليه على الشاهد، وهو فى خصومته.

عارض ابن عبد السلام مفهوم قوله: وهو فى خصومته بما تقدم للمازرى عن سحنون فى مسألة الشهرين، وما نقله ابن الحاجب عن سحنون لا أعرفه لغيره، ونقل المازرى كاللخمى.

قال ابن رشد فى أول سماع القرينين فى إيجاب مجرد الخصومة: ولو فى قليل سقوط شهادة أحدهما على الآخر، ولو بعد طول ما لم يصطلحا، وصحتها بينهما بعد الخصومة فى غير الأمر الجسيم، الذى يورث حقدا وعداوة وما تخاصما فيه.

ثالثها: يجوز بعدها مطلقا، ولو لم يصطلحا ما لم يقع بينهما فيها مشاتمة لهذا السماع وابن كنانة وغيره، وهو قول يحيى بن سعيد فى نوازله.

قلت: هو فيها من نقل ابن وهب عنه، وسياقه يدل على أنه قائل به.

وسمع أبو زيد ابن القاسم: من شهد على عدوه، وله شهادتين مفترفتين؛ جازت له لا عليه، وإن كانت شهادة واحدة؛ سقطت فيهما. انتهى.

ابن رشد: هذا على المشهور فى بطلان كل الشهادة ببطلان بعضها للتهمة، خلاف قول أصبغ فى نوازله: يجوز منها ما لا تهمة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>