للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي بعد.

قلت: هي قوله في أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فتعلقوا به، وأتوا به إلى السلطان، وشهدوا عليه: لا تجوز شهادتهم، وهم قذفة.

ابن رشد: إنما لم تجز شهادتهم عليه؛ لأن فعلهم وتعلقهم به ورفعهم إياه لا يجب عليهم؛ بل هو مكروه لهم؛ لأن الإنسان مأمور بالستر على نفسه وعلى غيره، ولو كانوا أصحاب شرطة موكلين بتغيير المنكر ورفعه؛ جازت شهادتهم.

وللأخوين وأصبغ: إن شهد أربعة بالزنا على رجل؛ جازت شهادتهم، وإن كانوا هم القائمين به مجتمعين جاءوا أو مفترقين، إن كان افتراقهم قريبًا ببعضه من بعض؛ لأن قيامهم لحق الله، فلم يكونوا خصماء، ولو كانت شهادتهم فيما يستدام فيه التحريم كالطلاق والعتق؛ جازت شهادتهما، ولو كانا هما القائمان بذلك؛ لأن قيامهم متعين.

وقال بعض المتأخرين: لا تجوز على قول ابن القاسم في هذه المسألة؛ لأن كل من قام في حق يريد إتمامه، فيتهم أن يزيد في شهادته؛ ليتم ما قام به، وهو بعيد.

قلت: فشهادة من رفع من شهد عليه؛ لأنه مولى على ذلك مقبولة، وفي غير المولى عليه، ثالثها: إن كان فيما يستدام تحريمه للأخوين، وبعض المتأخرين على قياس قول ابن القاسم فيما لا يستدام تحريمه.

وابن رشد: محتجًا بأن القيام به متعين عليهما.

وسمع عيسى ابن القاسم: إن شهد شاهدان على صبي يجرحه إنساناً، وهما عدوان لوصيه، أو شهدا بدين على الميت؛ جازت شهادتهما، وشهادتهما على من هما عدو أبيه ساقطة، ولو كان مثل أبي شريح، وسليمان بن القاسم، ونقل ابن شاس، وابن الحاجب قول ابن القاسم هذا، ولم يتعرض شارحاه، ولا ابن رشد للتعريف بهذين الشيخين، فنظرت في رجال الصفوة، فلم أجدهما فيه، ولم يذكرهما أبو نعيم في «الحلية»، ثم وجدت في اختصار رجال «تهذيب الكمال» للمزي يذكر في طبقة الثورى ومالك.

قال عبد الرحمن بن شريح: أبو شريح المعافري أخذ عن أبي قبيل، وأبي الزبير، روى عنه هانئ بن المتوكل، وابن وهب، وابن القاسم من الثقات، وللباجي في كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>