المازري: ورد الشهادة بتهمة الحرص علي قبولها ما قد قيل، إذا حلف الشاهد على صحة شهادته إن حلفه قادح فيها؛ لأن حلفه كالعلم على التعصب والحمية.
قال: واختلف إذا قاموا الشهود، وخاصموا في حقوق الله، فأسقط ابن القاسم شهادتهم؛ لأن خصامهم علم على شدة الحرص على إنفاذ شهادتهم، والحكم بها، وشدة الحرص على إنفاذها قد يحمل على تحريفها أو زيادة فيها.
وقال مطرف: شهادتهم تامة؛ لأنه في أمور الآخرة، وقد قدمنا أن العداوة في حق الله لا تؤثر في الشهادة، وذكر الباجي في قول عمر: لا تجوز شهادة خصم، ولا ظنين من قام يطب حقاً لله؛ لم تقبل شهادته فيه، قاله ابن القاسم في العتيبة، وقال مطف: شهادته جائزة.
قلت: ونحوه لابن رشد، وتقدم ذكر كلامه في ذكر الخصومة، فجعل المازري المانع حرصه على القبول خلاف كونه الخصومة، وقول ابن الحاجب في مانعية الحرص على الشهادة في القبول، وفي القبول؛ كمخاصمة المشهود عليه في حق الآدمي، إن أراد بتوكيل من المشهود له، فهو نقل الباجي عن ابن وهب: الوكيل على خصومة لا تقبل شهادته فيما يخاصم فيه، وإلا فهو أحرى في عدم القبول.
السابع: المازري: تعرض التهمة من جهة الشذوذ في العادة، ومخالفة الشهادة، ومنه نقل ابن حبيب حديث أبي هريرة:((لا تقبل شهادة البدوي على القروي)).
قلت: خرجه أبو داود بلفظ: ((لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية)) (١)، وصححه عبد الحق بالسكوت عنه، ولم يتعقبه ابن القطان.
الشيخ عن ابن عبد الحكم: مالك: فتأويل ذلك في الحقوق إذا شهدوا في الحاضرة؛ لأنها تهمة إن شهد أهل البادية دون من معه من أهل الحاضرة، وأجازها في الدماء والجراح، وحيث تطلب الخلوات، والبعد من العدول، وروى نحوه ابن وهب.