المسألة شهادتهما قبل في الزنا بمجرد قذفهما معاً مثله لأصبغ وسحنون وابن الماجشون.
وحمل بعض أهل النظر قوله:(يحد الشهود)؛ لأنهم قدفه للمرأة على ظاهره، وتعقب المسألة فقال: انظر قوله: يحد الشهود، ومن أصله أن لا يحد في القذف لغائب، وهم إذالم يحدوا كيف يستجرحون؟ فتدبر ذلك، والمعنى في المسألة؛ إنما هو ما ذكرته.
قلت: ما ذكره لبعض أهل النظر هو نص قول الشيخ في نوادره من عند نفسه، وشهرة الاحتجاج في حكم الشهادة في الزنا بحكم عمر رضي الله عنه في نازلة المغيرة، يقتضي ذكر معرفتها.
قال الطبري: ما حاصل المحتاج لذكره أن المغيرة كان على البصرة والياً، وله مشربة تقابل مشربة لأبي بكرة، لكل منهما كوة تقابل كوة الأخرى، فكان مع أبي بكرة في مشربته نافع بن كلدة، وشبل بن معبد، وزياد أخو أبي بكرة لأمه يتحدثون، فصفقت الريح باب كوتة، فقام ليصفقها، فبصر بالمغيرة لفتح الريح باب كوة مشربته بين رجلي امرأة توسطها، فقال للنفر: قوموا انظروا واشهدوا، فنظروا فقالوا: من هذه؟ قال: أم جميل بنت الأفقم كانت تغشى المغيرة، وأشراف الأمراء، فلما تقدم المغيرة للصلاة منعه أبو بكرة، وبلغ الأمر عمر، فأشخصهم، وبعث أبا موسى والياً على البصرة، فلما حضروه قال المغيرة يا أمير المؤمنين سل هؤلاء العبد كيف رأوني، وهل عرفوا المرأة فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر؟ وإن كانوا مستدبري، فبأي شئ استحلوا النظر إلي على امرأتي؟ والله ما كانت إلا زوجتي، وهي تشبهها، فبدأ عمر بأبي بكرة، فشهد أنه رآه بين رجلي أم جميل، وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة، قال: كيف رأيتهما؟ قال: مستدبر هما، قال: كيف استنبت رأسها؟ قال: تحاملت حتى رأيتها، ثم شهد شبل ونافع كذلك، وشهد زياد بأن قال: رأيته بين رجلي امرأة، وقدماها مخضوبتان تخفقان، وأستين مكشوفتين، وسمعت حفزاناً شديداً.
قال: هل رأيت كالميل في المكحلة؟ قال: لا قال: هل تعرف المرأة؟ قال: لا، ولكن أشبهها، قاله له: تنح وأمر بالثلاثة؛ فجلدوا وتلا قوله تعالى:(فإذ لم يأتوا بالشهداء) الآية [النور: ١٣]، فقال المغيرة: اشفني من الأعبد يا أمير المؤمنين، فقال له: