فأفتيت فيها بالعقلة بشاهد عدل واحد، وخالفني بعض أصحابنا، وقال: لا تجوز العقلة بشاهد واحد، واحتج بما ذكرته من المقرب، وقال: إنه لم يقل أحد بذلك، وجهل جميع ما قدمناه من قول سحنون وابن زرب.
ولابن رشد في سماع عيسى المتقدم: اختلف في تأويل هذه المسألة، قيل معناها أن المدعي ادعي الأصول والثمرة معاً، كدعواه أنه اشتراها بثمرتها، وأقام على ذلك شاهداً واحداً، وقيل: بل ادعى الأصول فقط، فرأى توقيف الثمرة بشاهد واحد، وهو الآتي عل ما له في آخر رسم العرية بعد هذا فيمن أدعى دابة، وأقام عليها شاهداً واحداً، فماتت قبل القضاء له باليمين مع الشاهد أنه يحلف، وتكون المصيبة فيها منه؛ لأنه إذا رأى الضمان منه بالشاهد الواحد؛ فالتوقيف والغلة تابعان له.
واختلف في الحد يدخل فيه الشيء المستحق في ضمان المستحق، وتكون الغلة له، ويجب التوقيف به على ثلاثة أقوال:
أحدهما: أنه لا يدخل في ضمانه، ولا تجب له الغلة حتى يقضي له به، وهو الآتي على قول مالك في الغلة التي هي بيده حتى يقضي بها للطالب؛ فعليه لا يجب توقيف الأصل المستحق توقيفاً يحال بينه وبينه، ولا توقيف غلته، وهو قول ابن القاسم في المدونة: إن الربع الذي لا يحول، ولا يزاول، ولا يوقف مثل ما يحول ويزول، وإنما يوقف وقفاً يمنع فيه من الإحداث.
والثاني: أنه يدخل في ضمانه، وتكون له الغلة، ويجب توقيفه، يحال بينه وبينه إذا ثبت له بشاهدين، أو بشاهد وامرأتين، وهو ظاهر قول مالك في الموطأ؛ إذا قال فيه: إن الغلة للمبتاع إلى يوم يثبت الحق، وقول غير ابن القاسم فيها؛ إذ قال: إن التوقيف يجب إذا أثبت المدعي حقه، وكلف المدعي عليه المدفع، وعلى هذا القول جرى عندنا الحكم.
والثالث: أنه يدخل في ضمانه، وتجب له الغلة، والتوقيف بشهادة شاهد واحد، وهو الآتي على قول ابن القاسم في رسم العرية في الضمان حسبما ذكرناه.
قلت: فمتقضى نقله أن على القول الثاني لا يجب التوقيف بمجرد شهادة شهيدي