للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: مقتضى تعليله ما زعمه من الضعف بما ذكره أن هذه العادة عندهم كانت الشهادة فيها على الخط، لا يفتقر فيها إلى ثبوت عدالة ذي الخط، وهذا شيء لا أعرفه، ولا سمعت به عن عادة جرت في إفريقية بوجه، فالله أعلم بما أراد.

والذي أعرفه وشاهدته أن خط شاهد عمالة إن وقع بعمالة أخرى، فإن كان ذو الخط كائناً فيها؛ لم يرفع على خطه، ورفع هو نفسه وإن كان غائباً بعمالته؛ رفع عليه على ظاهر قول سحنون في اعتبار مشقة الحضور دون تحديد بقدر، ثم القاضي المرفوع عنده إن كان ذو الخط عنده مقبولاً؛ قبله، وإلا طلب تزكيته.

وفتوى شيخنا ابن عبد السلام بأن شرط الشهادة على الخط حضوره، ولا يصح عليه غيبته صواب، وهو ظاهر تسجيلات الموثقين.

المتيطي وغيره: اشتراط التحويز في الشهادة باستحقاق الدور والأرضين، ولا تقبل الشهادة على الخط إلا من الفطن العارف بالخطوط وممارستها، ولا يشترط فيه أن يكون قد أدرك ذا الخط، وحضرت يوماً بعض من قدمه القاضي ابن قداح للشهادة بتونس، وهو أبو العباس ابن قليلو، وقد ناول القاضي ابن عبد السلام وثيقة؛ ليرفع فيها على خط شاهد فيها مات، فقال له القاضي ابن عبد السلام: إنك لم تدرك هذا الشاهد الذي أردت أن تشهد على خطه، ورد عليه الوثيقة، ومنعه من الرفع على الخط فيها، وأنا جالس عنده، فلما انصرف ابن قليلو قال لي: إنما لم أقبل شهادته على الخط فيها؛ لأنه ليس من أهل المعرفة بالخطوط، وليس عدم إدراك الرافع على الخط كاتبه بمانع من الشهادة على خطه إذا كان الشاهد عارفاً بالخطوط، فإنا نعرف كثيراً من خطوط من لم ندركه؛ كخط الشلوبين، وابن عصفور، وابن السيد ونحوهم؛ لتكرر خطوطهم علينا مع تلقينا من غير واحد من الشيوخ أنها خطوطهم، وذكر المتيطي في كيفية الشهادة على خط الغائب أن الشهود يعرفون أنه كان يرسم العدالة والقبول في تاريخ الشهادة وبعدها إلى أن توفي، قاله مالك خوف أن تكون شهادته قد سقطت لجرحة، أو أن غير مقبول الشهادة، وإن زيد في التقييد ممن يعرف أن الشاهد المذكور كان يعرف المشهود عليه بعينه واسمه إن لم يكن في عقد الإشهاد معرفته بالعين

<<  <  ج: ص:  >  >>