بموجب ذلك، وإما لأنه لم يجد بذلك الموضع غيره فيجب على الكاتب أن لا يطلب فوق ما يستحق، فإن فعل فهي جرحة، وإن لم يوافق الكاتب المكتوب ففيه نظر، وهو عمل الناس اليوم، وهو عندي محمل الهبة على الثواب، فإن أعطاه قدر أجره المثل في ذلك لزمه قبوله، وإلا كان نخيراً في قبول ما أعطاه وتمسكه بما كتب له إلا أن يتعلق بذلك حق للمكتوب له، فيكون فوتا ويجبران على أجر المثل، وما زال الناس يعيبون أخذ الأجرة في أكثر حوانيت الشهود بتونس؛ لأنهم يقسمون ما يحصل لهم من الأجرة آخر عملهم على ثلاثة أجزاء: جزأين للشهيدين، وجزء للموثق، وهو أكثر من واحد، وربما صرح بعضهم بحرمة فعلهم، ولقد أخبرني بعض من يوثق بخبره أن القاضي أبو علي بن قداح لبناً فشربه، ثم اجتمع به بعد ساعة من شربه فتحدثا، فأخبره صهره أن ذلك اللبن أهداه له فلان، فذكر له بعض شهود تونس اللذين يأخذون الأجرة في شهادتهم، فقام فقاء ذلك اللبن، واستغرب هذا المخبر حاله، لأنه لما شهد طلع الحانوت، وكان يأخذ الأجر على شهادته، ثم أخبرني من أثق بخبره أن الشاهد الذي كان يشهد معه والموثقين كانوا يعطونه كل يوم ديناراً ذهباً، ويأخذ كل موثق منهم أكثر من ذلك وكان الموثقون ثلاثة أو أكثر.
قلت: فسلمه الله من القسمة الفاسدة المتقدم ذكرها.
والمذهب أن اليمين مع الشاهد في الحقوق المالية كشاهدين في الموطأ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمن مع الشاهد.
أبو عمر: هذا مرسل، وأسنده جماعة ثقاة عن جابر يرفعه، وروى مسلم بسنده