قلت: والذي وجدته للمازري نقله عنه رواية كالشيخ، ووجه الاكتفاء يحلف واحد بأنه إذا اخذ حظه شركه فيه بقية أهل الحبس؛ لاعترافه أن ما أخذ حق أخوته فيه على الشياع، فإذا أخذ منه شيء عاد لليمين لإكمال حظه فلا يزال كذا حتى يؤخذ الحبس كله فاكتفى بيمينه وحده يميناً واحدة.
قلت: يرد بمنع مشاركتهم إياه؛ لأن استحقاقه حقه إنما هو بسبب فعله، هم قادرون عليه وتركوه، فوجب أن لا يشركوه فيه كشريكين في دين على رجل ملدٍ، فطلب أحدهما شريكه في طلبه معه اقتضاءه فأبى، فلا دخول له على المقتضي بشيء، وما عزاه اللخمي لبعض شيوخه عزاه المازري لبعض شيوخ القرويين قائلا: ولو انقرض البطن الأول بعد استحقاقهم باليمين فهل يكتفي البطن الثاني بيمين الأول أم لا يكتفون؟ فكان بعض الأشياخ يشير إلى عدم اكتفائهم؛ لأن كل واحد من أهل الحبس له حكم نفسه لا تعلق له بغيره، وقاله بعض الشافعية.
وقال بعضهم: يكتفي البطن الثاني بحلف الأول، وقدر الانتقال إليه كانتقال حق بإرث حلف عليه مورثه، والقول الأول عندهم بناء على أن ثبوت الحق لهم إنما هو بعقد تحبيس المحبس لا بالإرث عن آبائهم، وهذا مقتضى النظر.
والقياس على ما ذهب إليه بعض الأشياخ، ولو مات واحد من البطن الأول رجع حظه على بقية البطن الأول، وينظر في تجديد يمين عليهم لأجل الذي يرجع، فإن قيل: هذا الرجوع كالوارثة عن من مات على إحدى الطريقتين المذكورتين؛ لم يلزمهم يمين أخرى، وإن قدرنا رجوعه إليهم إنما هو عن المحبس حلفوا يميناً ثانية، ولو عرضت اليمين على البطن الأول فنكل جميعهم، ثم جاء بعدهم البطن الثاني فمن قال: أخذ البطن الثاني كأخذ الوارث عن آبائهم؛ لم يمكنوا من الحلف لبطلان حقهم بنكول آبائهم، وعلى الطريقة الأخرى، وهي الأظهر أن أخذهم إنما هو بعقد التحبيس من الحبس يمكنون من اليمين، ولم يضرهم نكول آبائهم.
ولو حلف واحد فاستحق حقه، ونكل الآخر من البطن الأول، ثم مات الحالف وحده، وبقي إخوته الناكلون، فقيل: نكولهم كموتهم فيصير كل البطن قد ماتوا