للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: يطلب القاضي من الخصم أن يعدله غيرهما، فإن لم يجد جازت الشهادة فيه على الشهادة إذا كان لغيب اللذان زكياه من أهل الحضر لا من أهل البادية؛ لأن البدوي لا يعدل الحضري.

قيل: فالتجريح أتجوز فيه الشهادة على الشهادة كما وصفنا في العدالة في غيبة الشهود أو مرضهم.

قال: نعم.

ابن رشد للأخوين خلاف قول سحنون: هذا لأن العدالة لا تكون في الشهادة إلا عند السلطان بعد أن يشهدوا في الحين الذي يقطع بشهادته، وأما أن يستدعي الرجل تعديله الرجل، ويشهد على ذلك منه كما يفعل في الشهادة تكون عنده إذا أراد أن يشهد عليها، أو يكون الشاهد تحمل لشهادته من بلد، ويكون الذي تحمل شهادته لا يعرفه بالعدالة، ولا بغيرها فيعدله عنده من يثق به فهذا لا يجوز، ولا علمنا من قاله إلا أن يشهد شاهد على شهادة آخر غائب، فيخبر بعلمه بعدالته مع شهادته على شهادته، ولو شهد شاهد عند حاكم فاستعدله فكان رجل مريض يعدله لا يقدر بمرضه البلوغ إلى الحاكم، فأراد أن يبعث للقاضي بتعديله إياه مع رجلين عدلين يشهدهما أنه عدل فذلك جائز؛ لأن الشهادة وقعت عند الحاكم والعدالة هنا إنما هي القطع بالشهادة، وقاله أصبغ، واستحسنه.

ولابن سحنون: أن أباه رجع عن الشهادة على الشهادة في العدالة والتجريح إلا في تعديل البدوي فهي جائزة، وهو الصواب؛ لأن التعديل لا يكون إلا بعد الشهادة، ولو جاز قبلها لجازت شهادة غير العدل لتغير أحوال الناس.

قلت: ظاهر قولها تجوز الشهادة على الشهادة في كل شيء جوازها في التعديل والتجريح؛ لأنها شيء.

ولما كان تمام شهادة النقل بأدائها ناقلها عنه كان ظرف مانع شهادة الأصل قبل أدائها ناقلها كطروه على شاهد قبل أداء شهادته وبعده، وقبل الحكم بها، والأول واضح، والثاني تقدم حكمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>