يجحد، فحكم برقه، ثم قاطعه المحكوم له بما أخذه منه، وأعتقه أو كاتبه عليه؛ فأدى وعتق، ثم أقرا بالزور غرما للمشهود عليه ماودى إلى السيد، والحكم ماض، والولاء قائم.
الشيخ عن ابن عبد الحكم إن شهدا على رجل أنه أقر لفلان وفلان بمائة دينار، ثم رجعا بعد القضاء، وقالا إنما شهدنا بها لأحدهما وعيناه، رجع المقضي عليه بمائة بخمسين عليهما، ولا تقبل شهادتهما للآخر بكل المائة لجرحتهما برجوعهما، ولا يغرمان له شيئاً؛ لأنه إن كان له حق فقد بقي على من هو عليه، وليس قول من قال: يغرمان له خمسين بشئ؛ لأنهما إنما أخذا خمسين من المطلوب أعطياها لمن لاشئ له عليه، ولو كان عبداً بعينه شهدا أنه أقر به لفلان وفلان فرجعا بعد القضاء به لهما، وقالا: إنما أقر به لفلان منهما فهاهنا يغرمان لمن أقرا له قيمة نصفه؛ لأنهما أتلفاه عليه هذا إن أقر من كان العبد بيده أنه لمن شهدا له أخيرا، وإن إدعاه لنفسه، وأنكر شهادتهما غرما نصف قيمته للمشهود عليه، وليس للمقر له أخيرا إلا نصفه.
قال ابن عبد السلام: لم يضمن أهل المذهب الشاهدين للمشهود له أخيرا، وعذروهما بالنسيان، واختلف في ضمان المودع بالنسيان، وضمنوا من أقر بثوب لزيد، ثم أقر به لعمرو، ولم يعذروه بالنسيان، وقد يفرق بأن الشاهد قد يكثر تحمله للشهادات فلو ضمن بالنسيان كان عليه ضرر عظيم، ولو أقر بتعمد الزر لا نبغى أن يتفق على تضمينه.
قلت: قوله: (وعذروهما بالنسيان) يرد بأن النسيان فى هذا الباب عند الفقهاء إنما هو عدم ذكر الإنسان ما كان ذاكراً كودع شيئين لرجلين، ثم لايذكر ما لأحدهما منهما بعينه لا فعل ما يعتقد جوازه، أو قوله، وهو فى الواقع غير جائز؛ لأن هذا إنما يعبر عنه بالخطأ الذي هو في أموال الناس كالعمد، ومن البين أن الصادر من الشاهدين في هذه المسألة إنما هو المعنى الثاني لا الأول، وإنما أوجب عدم تضمينها م قاله ابن عبد الحكم، وهو صواب فتأمله، ويقوم منه أن مافي الذمة لا يتعين بحال مادام في الذمة، وأن التعرض إليه بغير الواجب لايوجب فيه حكماً.