عبد السلام من شيوخنا يحملون المدونة على قولين في كونها شرط إجزاء أو شرط كمال لقولها في الشهادات والعارية، وهو ظاهر نقل ابن عات في الطرر عن ابن سهر، والأظهر عدم حملها على الخلاف، وأن ما في العارية تفسير.
قال عياض في كتاب العارية: قوله (إذا شهدوا على البت أنه ما باع ولا وهب على البت) هي غموس، وشهدوا بباطل وزور.
قالوا: معناه أنه كذب وباطل إذا شهدوا على ما لم يحققوه من علم الغيب؛ لا أن حكمهم حكم شاهد زور؛ ثم اختلف هل هي عامله أم لا؟ لأن لفظها مشكل في الكتاب.
وقال في كتاب الشهادات: قوله: شهادتهم زورن ثم قال: وأرى أ: ن يحلف الإمام الذي شهدوا له أنه ما باع ولا وهب، ولا أخرجه من يده بشئ مما يخرج به من ملكه.
قال بعضهم: انظر أطلق عليها باطل وغموس، ثم جعله يحلف معها فلم يبطلها.
فتأول بعضهم: أنها عند مالك مع قوله: هذا ماضية، يحكم بها، ونحى إليه ابن لبابة، وقال ابن أبي زَمَنَيْن: هو بعيد، وقال بعضهم: في المسألة تقديم وتأخير، وقوله:(أرى أن يحلفه الإمام) راجع للمسألة الأولى في الشهادة الصحيحة، ونحى إليه ابن أبي زَمَنَيْن.
وقال بعضهم: لا يرد القاضي شهادتهم حتى يسألهم أيشهدون على البت أو على العلم؟
فإن أثبتوها سقطت شهادتهم، وإن ماتوا قبل كشفهم حكم بها، وقال بعضهم: إنما زور، فيها شهادة أهل العلم بما يلزم في ذلك، وأما الجهال فلا، ويعذرون في ذلك، ونحوه لأبي محمد وأبي عمران، ولا يختلف أنه لا يلزمهم ما يلزم شاهد الزور من العقوبة.
قُلتُ: لما كانت الشهادة أحد أنواع العلم، والعلم ضروري، ونظري استبان لمن تأمل أن حصول العلم للشاهد بالملك إنما هو نظري حسبما تقدم في تفسير سحنون حقيقة الملك، والعلوم النظرية معروضة للتحول عنها، فلزم من ذلك تكليف الشاهد