روى مسلم عن أبي بكر عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان))، ثم قال:((أي شهر هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:((فأي بلد هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:((أليس هذا البلدة الحرام؟)) قلنا: بلى، قال:((فأي يوم هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:((أليس يوم النحر؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال:((فإن دماءكم وأموالكم)) قال: وأحسبه قال: ((وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون له أوعي من بعض من سمعه))، ثم قال:((ألا هل بلغت؟))، وفي أخرى:(وأعراضكم من غير شك)).
ابن رُشْد: عمد قتل المسلم عدوانا كبيرة ليس بعد الشرك أعظم منه، وفي قبول التوبة منه وإنقاذ وعيده مذهب الصحابة، وإليه ذهب مالك لقوله: لا تجوز إمامته.
قُلتُ: لا يلزم منه عدم قبول توبته لعدم علم رفع سابق جرئته، وقبول التوبة أمر باطن، وموجب منصب الإمامة أمر منه ظاهر.
وقال في سمَاع عيسى: قول مالك ليكثر العمل الصالح والصدقة والحج والجهاد، ويلزم الثغور من تعذر القود منه دليل على الرجاء عنده في قبول توبته خلاف قوله: لا تجوز إمامته.