عين الجاني؛ ولأن دية عين الأعور عند مالك ألف دينا؛ لأنها في المدونة إنما صورها في فاقئ هو أعور العين التي فقأها من الأعور المفقوءة عينه.
وفيها لمالك أن فقأ الأعور عين الصحيح التي مثلها باقية للأعور؛ فله أن يقتص وإن أحب؛ فله دية عينه, ثم رجع فقال: إن أحب أن يقتص اقتص, وإن أحب فله دية عين الأعور ألف دينار, وهذا أعجب إلي.
عياض: خرج بعضهم منها قولًا بالتخيير في أخذ دية الجرح عمدًا, وهو قول ابن عبد الحكم خلاف مشهور, قول مالك وأصحابه بوجوب القود, أو ما اصطلحا عليه, ويخرج منها جبر القاتل على الدية, مثل قول أشهب خلاف معرف روايته, وترجح بعضهم في هذا.
وقال أبو عمران: إنما قاله لعدم تساوي عين الأعور, وإحدى عيني الصحيح, فلم يمنعه القصاص إذ هي مثل عينه في الصورة؛ فإن عدل عن القصاص إلى الدية, لم يكن للأعور أن يأبى ذلك؛ لأنه دعي لصواب.
عياض: هذا غير بين, ويلزمه في الجبر على الدية, وخرج منها بعض شيوخنا؛ أن للولي إذا كثر القاتلون, أن يلزم كل واحد منهم دية كاملة عن نفسه قدر ديته, أو من أراد استحياءه منهم, ويقتل من شاء, قال: وكذا في قطع جماعة يد رجل.
عياض: وهذا لازم لأبي عمان على تعليله في زيادة المثلية؛ لأن جماعة أنفس زيادة على نفس على كل حال, وقيل لأبي عمان: لو تعدى رجل على الجاني في هذه المسألة, ففقأ عينه, فقال المفقوءة عينه للجاني على من جني عليه: أتلفت علي عينًا كنت أستحق بقاءها, أو ألف دينار عنها, فأغرم لي بالقيمة ما أتلف علي؛ لأن لي ديتها كالثمن المتواطأ عليه في سلعة استهلكت.
قال: وفي هذا نظر, وأشار إلى تنظيرها برهن في ألف دينار, قيمته مائة دينار استهلك؛ أنه لا يلزمه إلا قيمته دون ما رهن فيه, قيل له: الأعور كان مجبورًا على افتكاك عينه بالألف, وليس كذلك الرهن إذ ليس مجبورًا على افتكاكه, إذ له إسلامه وليس كذلك العين.