العدول عن الرواية, وليس كذلك بل لا يسوغ للمفتي تقليد الرواية, إلا بعد معرفته بصحتها لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم, وهذه الرواية مخالفة للأصول, واستدل على مخالفتها, بما حاصله وجوب اعتبار حق الصغير, وتأخيره لبلوغه, كحق له بشاهد واحد وبأن له جبر القاتل على الدية, على قول أشهب, وأحد قولي ابن القاسم, ورواية الأخوين.
قلت: لا يخفي ضعف هذا, ولا يغتر في زمننا؛ إنما ساغ ذلك لمثل ابن رشد لعلو طبقت, وقال بعض من عاصره: ليس العمل اليوم على هذا, إذ هو خلاف قول ابن القاسم, وفي طرة بعض نوازله ما نصه: ليس العمل اليوم على هذا, إذ هو خلاف مذهب ابن القاسم, وقال ابن الحاج: إنه بذلك من غير رواية ولا حجة.
فإن قلت: ما هي الرواية المأثورة في ذلك؟.
قلت: في الموازية والمجموعة, روى ابن وهب وأشهب: في قتيل له بنون صغار وعصبة؛ فللعصبة القتل, ولا ينتظر بلوغ الصغار, قال عنه ابن وهب: ولهم العفو على الدية فتكون بينهم, قال عنه أشهب: وينظر للصغار وليهم في القود, العفو على مال وله أن يقسم إن وجد معه من العصبة من يقسم معه, إن لم يكن في قربة, ثم يكون لهذا الذي هو أولى بالصبي, القتل أو العفو على الدية, وإن كان وليه صبيًا أجنبيًا لم يحلف في القسامة إلا العصبة, ثم للوصي النظر في القود أو العفو؛ يريد على مال.
قال: إن ثبت الدم ببينة والولد صغير؛ فللعصبة القتل, والعفو على الدية كاملة, وأحب إلي أن لا يعفوا, وإن أخذوا الدية, ويحبس القاتل حتى يكبر الصغير, وإن كان بالقسامة؛ فكذلك بعد أن يقسموا, فإن نكلوا حبس القاتل حتى يبلغ الصبي, فيقسمون, ثم يقتلون أو يأخذون الدية, وأحب إلي أن أقسموا أن لا يعفوا على الدية, إلا بإذن السلطان, وقاله ابن دينار كنانة وابن أبي حازم.
وروى المحمدان: إن كان الابن صغيرًا؛ فالأب يقتل أو يعفوا على الدية, فإن لم يكن إلا الجد؛ فذلك إليه ولا شيء للجد للأم.