قُلتُ: لا يبعد إجراء القولين على جواز المقاصة، ولزومها في الديتين والذي في الموازية لا قود بينهما؛ لأن لكل واحد منهما حقاً في أبيه وأمه، ويسجنان عاماً، ويجلدان مائة مائة.
قال ابن الحاجب إثر ذكره هذه المسئلة، وتتميمها بقوله: ويجب لأحدهما دية الأب وللآخر دية الأم ما نصه.
وفي كون إرثه على نحو المال، أو على نحو الاستيفاء قولان، لابن القاسم وأشهب.
قال ابن عبد السلام: معنى الضمير من قوله إرثه، عائد على الدم، ومعنى قول ابن القاسم: إن ولي الدم إن مات تنزل كل ورثته منزلته دون خصوصية لعصبته على زوي فروضه، فترث البنات والزوجات والأمهات، ولهن العفو والقصاص، كما لو كانوا كلهم عصبة؛ لأنهم ورثوه عمن كان ذلك له.
ومعنى قول أشهب: إنه لا يرثه من ورثه ولي الدم إلا من يرثه من المقتول نفسه، فلو ترك ولي الدم ابناً وبنتاً وأما وزوجة، لم يكن للبنت والزوجة حظ، كما لم يكن لبنت القتيل وزوجته مع ابنه شيء.
قُلتُ: في رجمها من قتل، وله أم وعصبة، فماتت الأم فورثتها مكانها إن أحبوا أن يقتلوا قتلوا، ولا عفو للعصبة دونهم، كما لو كانت الأم باقية، وفي دياتها إن مات وارث المقتول الذي له القيام بالدم فورثه مقامه في العفو والقتل، وإن مات من ولاة الدم رجل وورثته رجال ونساء، فللنساء من القتل والعفو ما للذكر؛ لأنهم ورثوا الدم عمن له ذلك.
وذكر الشيخ عن المجموعة مثل ذلك، من رواية ابن القاسم، وابن وَهْب قال: وقال أشهب: يقوم مقام هذا الميت من ورثته من له القيام بدمه، كأنه مقتول، فلو ترك ولي القتل بنين وبنات، فأمر الدم للبنين دون البنات.
قُلتُ: ففهم شارحا ابن الحاجب: أن مراد ابن القاسم بالنساء الوارثات ما يشمل الزوجة، وكذا الزوج في الرجال، وليس الأمر كذلك؛ بل لا مدخل للأزواج في الدم