وقال ابن الجلاب: القياس ديتان، والأول أحسن قياساً على اللسان والذكر، وحاصل الروايات في ذهاب منفعة الشم، قبل ذهاب الأنف والسمع، قبل ذهاب أشراف الأذنين والبصر، قبل ذهاب العين أن في الأنف الدية؛ لوضوح الجمال به.
وفي الذهاب أشراف الأذنين، قولان الدية والحكومة، وفي العينين حكومة، وكذا لسان الأخرس بعد الكلام.
وفيها: إذا قطع اللسان من أصله، ففيه الدية كاملة، وكذا إن قطع منه ما منعه الكلام، وإن لم يمنع من الكلام شيئاً؛ ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه، وإنما الدية في الكلام لا في اللسان، كالأذنين إنما الدية في السمع لا فيهما، وإن قطع من لسانه ما ينقص من حروفه؛ فعليه بقدر ذلك، ولا يحسب في نقص الكلام على عدد الحروف رب حرف أثقل من حرف في النطق، ولكن بالاجتهاد في قدر ما نقص من كلامه.
وسمع القرينان من قطع من لسان رجل ما منعه الكلام شهرين، ثم تكلم فنقص من كلامه أحب الىّ أن يقاد منه، إذ لا يعرف له قدر في القصاص أخاف أن تسرع الحديدة، فيذهب كلامه، فأحب الىّ أن لا يقاد منه، إذ لا يعرف له قدر في القصاص وأن يعقل.
ابن رشد: يريد أو يذهب منه أكثر مما ذهب من المجني عليه أو أقل وهو بيان لماله في المدونة، يقاد منه إن كان يستطاع قوة ذلك، ولا يخاف منه.
وقال أشهب: إنه مخوف لا يقاد منه.
قلت: في المدونة؛ إنما هو في القود من كل اللسان، لا من بعضه، والسماع إنما هو في بعضه، ودليل تعليله ثبوت القود في كله؛ لبعد كون السماع مفسراً لها فتأمله.
قال: وقوله يعقل؛ يريد بقدر ما ذهب من كلامه بعد أن يجرب صدقه فيما يدعي ذهابه، ويحلف على ذلك، قاله بعد هذا، ولا ينظر في ذلك عدد الحروف، وقيل يكون بقدر ما لم ينطق عليه من عدد الحروف، وهو بعيد لاختلافها.
وفي سماع يحيى ابن القاسم: إن شكوا هل ذهب من كلامه أو عقله الثلث أو الربع أعطى الثلث، والظلم أحق أن يحمل عليه.