وسمع عيسى ابن القاسم: في المرتد يقتل في ارتداده نصرانياً، أو يجرحه إن أسلم لم يقتل به، ولم يستقد منه في الجرح؛ لأنه ليس على دين يقر عليه، وحاله في ارتداده في القتل والجرح إن أسلم كحال المسلم، إن جرح مسلماً اقتص منه، وإن قتل نصرانياً لم يقتل به، وإن جرحه لم يستقد منه.
قال عيسى: وإن قتل على ردته؛ فالقتل يأتي على ذلك كله.
ابن رشد: اختلف قول ابن القاسم فيه، مرة نظر إلى حاله يوم الحكم في القود والدية، ومرة نظر إلى حاله فيهما يوم الجناية، ومرة فرق بين الدية والقود؛ فنظر إلى القود يوم الفعل، وإلى الدية يوم الحكم، فعلى اعتباره يوم الحكم فيهما.
قال: إن قتل مسلماً قتل به، وإن جرحه اقتص منه، وإن قتل نصرانياً أو جرحه لم يقد منه في قتل ولا اقتص منه في جرح، وكانت الدية في ذلك في ماله، وإن كان القتل خطأ كانت الدية على العاقلة؛ لأنه مسلم يوم الحكم له عاقلة تعقل عنه، وهو قوله في هذه الرواية.
وفي رسم العتق بعد هذا من هذا السماع، وعلى قوله الذي نظر فيه لحاله يوم الفعل فيهما: يقاد منه إن قتل نصرانياً؛ لأنه كان كافراً يوم الفعل، وإن جرح نصرانياً عمداً اقتص منه، وإن جرح مسلماً عبداً؛ أجري على الخلاف في النصراني يجرح العبد المسلم، وإن قتل مسلماً أو نصرانياً خطأ كانت الدية على المسلمين؛ لأنهم هم ورثته يوم الجناية ولا عاقلة له يومئذ.
وهو قول ابن القاسم في رسم الصلاة من سماع يحيى، وعلى هذا القياس يجري حكم جناياته على القول الثالث الذي فرق فيه بين القود والدية، وفي نكاحها الثالث، ونحوه في القذف إن قتل على ردته، فالقتل يأتي على كل حد أو قصاص وجب عليه للناس إلا القذف؛ فإنه يحد ثم يقتل.
وكان يجري لنا في التدريس مناقضة قولها في الكتابين بقولها في كتاب القذف: وإذا قذف حربي في بلد الحرب مسلماً، ثم أسلم الحربي بعد ذلك أو أسر فصار عبداً؛ لم يحد للقذف، ألا ترى أن القتل موضوع عنه؟.