ابن القاسم: هي وصية أبدًا حتى يتبين أنه أراد التدبير.
وقال أشهب: إن قال هذا في غير إحداث وصية أو لما جاء أنه لا ينبغي لأحد أن يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة، فهو تدبير إذا قال ذلك في صحته.
وفيها أيضًا لابن القاسم: إن قال: إن كلمت ابن فلانًا فأنت حر بعد موتي فكلمه لزمه ما أوجبه من عتقه بعد موته من الثلث، وصار شبيهًا بالتدبير.
قلت: فجعل المعلق أشد من غير المعلق، ونحوه في كتاب النذور فيه: إن قال إن فعلت كذا فعلي هدي فإن يحنث، فإن نوى شيئًا فهو ما نوى، وإلا فعليه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد وقصرت نفقته رجوت أن تجزئه شاة.
وقال في الحج الثاني: ومن نذر هديًا ولا نية له فالشاة تجزئه؛ لأنها هدي، فجعل المطلق أخف من المعلق.
قال عبد الحق عن القابسي: لأنه في كتاب الحج متبرع بالهدي، وفي مسألة النذر هو على وجه الحلف، واليمين طريقة التغليظ.
ابن رشد: وأما التدبير المقيد كقوله أنت مدبر إن مت في سفري هذا أو مرضي هذا أو في هذا البلد أو أنت مدبر إذا قدم فلان وشبهه، فسمع أصبغ ابن القاسم: أنها وصية لا تدبير إلا أن يرى أنه أراد التدبير، فله على هذا أن يرجع عنه في مرضه ذلك.
ولابن القاسم في الموازية، وكتاب ابن سحنون وابن كنانة: أنه تدبير لازم لا رجوع له فيه، ومعناه إن مات من مرضه ذلك، وهذا الاختلاف قائم من اختلاف ابن القاسم ومالك فيمن قال لعبده: أنت حر إذا قدم فلان.
قال مالك: ليس له بيعه حتى ينظر هل يقدم فلان أو لا.
وقال ابن القاسم: له بيعه، وكذا لو قال لعبده: أنت مدبر إذا قدم فلان يلزمه التدبير على قول مالك من ساعته، بشرط قدوم فلان، ولا يكون له بيعه، ولا يرجع فيه حتى ييأس من قدوم فلان، وعلى قول ابن القاسم: لا يكون تدبيرًا، وهي وصية فيكون له بيعه ويرجع فيه بالقول إن شاء، فيقول: قبل قدوم فلان أو بعد قدومه قد رجعت عن عتق فلان، بخلاف قوله: أنت حر إذا حر إذا قدم فلان، هذا لا يكون له على مذهب ابن