قال ابن عبد السلام في النوادر: من حلف أن لا يفعل كذا حتى يقدم فلان، فمات فلان قبل قدومه؛ ما يؤخذ منه قولان، هل يحمل على أجل قدومه، وينوى في ذلك؟ أو لا يفعله أصلا؟ فانظر هل يتخرج منه في الفرع الأول شيء أم لا.
قلت: المماثل الاعتبار النية في اليمين اعتبار نية الموصي، ونية الموصي إذا ثبتت بما يثبت به نية الحالف، لم يختلف في أعمال نية الموصي فلا يتخرج فيها الخلاف من عدم اعتبار نية الحالف فلا يتم ما ذكره من التخريج، فتأمله.
وفيها: إن قال: فلان وصي على قبض ديوني وبيع تركتي، ولم يذكر غير هذا؛ قال مالك: أحب إلي أن لا يزوج بناته حتى يرفع إلى السلطان، فإن لم يرفع رجوت أن يجوز.
الصقلي: قال محمد وقال أشهب: له أن يزوج ولا يرفع ذلك إلى السلطان، وقاله ابن القاسم، وروى ابن القاسم فيمن أوصى بميراث ابنة له صغيرة أن يدفع إلى فلان، أترى أن يلي بعضها؟ قال نعم، وحسن أن لو رفع ذلك إلى الإمام فنظر فيه.
اللخمي: إن جعل الوصية إلا ثلاثة لأحدهم اقتضاء الدين وقضاء ما عليه، ولآخر النظر في الفاضل والتصرف فيه بالبيع والشراء، وللآخر بضع بناته؛ جاز، وليس لأحدهم أن يلي غير ما جعل له، فإن تعدى من له النظر في الفاضل فاقتضى أو قضى؛ مضى فعله ولم يرد، وإن باع أو اشترى من جعل له النكاح؛ رد فعله، وإن زوج من له النظر في المال؛ رد فعله؛ لأنه معزول عن ذلك، وقد أقيم له غيره، وليس كقوله: فلان وصيي على قضاء ديني وبيع تركتي، وسكت عن بناته، ولم يقم لهن أحدًا.
قال مالك: إن زوج من جعل له النظر في التركة أرجو أن يكون جائزًا، واستحب أن يرفع إلى السلطان لينظر هل عليها في ذلك ضررًا، أو بخس في الصداق.
وقال أشهب: النكاح جائز وقول مالك أحسن، وفي وصاياها الأول والثاني: وإذا مات الموصى له بعد موت الموصي؛ فالوصية لورثة الموصى له علم بها أو لا، ولهم إلا أن يقبلوها كشفعة له، أو خيار.
عياض: هذا بين من مذهبه في الكتاب، فلا يحتاج لقبول الموصى له قبل موته، ولا علمه، وإن قبلوها حتى تورث عنه.