ولابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في وصية المسلم إلى النصراني أو إلى غير عدل: أرى أن تفسخ إلا أن يكون مولاه أو قريبه، أو زوجته أو من رجي منه حسن النظر إلى زوجته من أقاربه أو ولاته، فأرى أن يجعل معه غيره، ويكون المال بيد المجعول معه، ولا يفسخ وصية الآخر، وقال مطرف، وبه قول ابن الحاجب إثر قوله: شرطه التكليف، والإسلام والعدالة، والكفاية، وكان أجاززها قبل للكافر وقال مرة: إن كان كالأخ والأب والخال والزوجة فلا بأس.
قال ابن عبد السلام: لما صرح أولًا باعتبار وصف الإسلام في شرط الوصي، كان مجموع ما صرح به أولًا وأخيرًا ثلاثة أقوال، وهي المنقولة في المذهب والمشهور ما صرح به أولًا، وأنه إن أوصى إلى كافر عزل عن النظر.
قلت: وكذا الشيخ إنما ذكر المسألة في ترجم الوصية إليه.
وفي رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم قال: كره مالك الوصية لليهودي والنصراني، قال: وكان قبل ذلك يجيزه.
قال ابن القاسم: لا بأس به إن كان على وجه الصلة مثل أن يكون أبوه نصرانيًا، أو يهوديًا، أو أخوه، أو أخته؛ فليصلهم وأراه حسنا، وما غير هؤلاء فلا.
وفي رواية عيسى عنه: أما مثل أمه وأبيه وإخوته وشبههم من القرابة، ولا يعجبني في الأباعد، وليعطف به على المسلمين.
ابن رشد: رأى الوصية للمسلمين الأجانب أفضل منها لقرابته الذميين، وقوله: وكان قبل ذلك يجيزه؛ معناه: بغير كراهة لأجل صلة الرحم، وهي رواية ابن وهب واحتج بالحلة التي كساها عمر أخا له مشركًا بمكة.
وقول ابن القاسم: وأراه حسنًا قول ثالث، وهو أنه رأى الأجر في الوصية لصلة الرحم، وإن كانوا ذميين أكثر من الأجر في المسلمين الأجانب، وأما للأجانب من الذميين؛ فلا خلاف في كراهتها لهم، والكراهة إنما تتعلق بإيثار الذميين على المسلمين، لا بنفس الوصية للذميين؛ لأن في ذلك أجرا على كل حال.