قال الباجي: شهدت ابن أيمن حكم في ميت مات وترك امرأة حاملًا أنه لا يقسم ميراثه، ولا يؤدي دينه حتى تضع الحمل، فأنكرت ذلك عليه، فقال: هذا مذهبنا ولم يأت بحجة.
والصحيح تعجيله ولا يدخله الخلاف من الوصايا؛ لأنه العلة في تأخير الوصايا هو أن التركة قد تتلف في حال الوقف قبل وضع الحمل، فيجب رجوع الورثة على الموصى لهم بثلثي ما قبضوه ولعلهم معدمون، وهذا في الدين منتف وتعجيله مخافة أن يتلف المال فيبطل حق صاحبه من غير نفع الورثة.
فقف على هذه المسائل الثلاث: الدين يؤدى ولا يؤخر لوضع الحمل، والتركة يؤخر قسمها لوضعه اتفاق فيهما، والوصايا مختلف فيها.
قلت: في تغليظه ابن أيمن، وقوله: لا حجة له نظر؛ بل هو الأظهر وبه العمل عندنا، ودليله من وجهين:
الأول: أن الدين لا يجوز قضاؤه إلا بحكم قاض، وحكمه متوقف على ثبوت موت المدين، وعدد ورثته ولا يتقرر عدد ورثته إلا بوضع الحمل؛ فالحكم متوقف عليه، وقضاء الدين متوقف على الحكم، والمتوقف على متوقف على أمر متوقف على ذلك.
الأمر الثاني: أن حكم الحاكم بالدين متوقف على الإعذار لكل الورثة، والحمل من جملتهم، ولا يتعين الإعذار في حقه إلا بوصي عليه، أو مقدم، وكلاهما يستحيل قبل وضعه، فتأمله.
قال: فمن مات وترك امرأة؛ وجب أن لا يعجل الميراث حتى تسأل، فإن قالت: أنا حامل؛ وقفت التركة حتى تضع، أو يظهر أنه لا حمل بها بانقضاء عدة الوفاة، وليس بها حمل ظاهر، وإن قالت: ليست بحامل؛ قبل قولها وقسمت التركة، وإن قالت لا أدري؛ أخر الميراث حتى يتبين أنها غير حامل بأن تحيض حيضة، أو يمضى أمد العدة،