وأجاب ابن محرز بما حاصله: أن النذر قضي بالعمرة في الفوات وحجه ثانيًا لقضاء فائت حجه من حيث ذاته لا من حيث كونه نذرًا، وحج ماشي المناسك ثانيًا لإتمام نذر مشيه، واحتج ابن القصار لمالك على ابن القاسم بقوله لا دم على من أحرم بعد ميقاته ففاته لرجوعه للعمرة، والصقلي له على مالك بقوله في ماشي المناسك: وبأنه لما وجب قضاؤه وجب مشيه كناذر اعتكاف رمضان المعين فمرضه لما وجب قضاؤه صومًا لزم اعتكافًا، ولو نذر اعتكاف شعبان المعين فمرضه لم يقضه.
الصقلي عن يحي بن عمر عن ابن القاسم: لو أفسد حج مشي نذره بوطء بعرفة أتمه وقضى ماشيًا من الميقات لا من قبله؛ لأن ما جاز فيه من مشي وطئه لا يبطله وعليه هديا الفساد والتلفيق.
قلت: في سماع يحيى ابن القاسم سألته عمن وطئ بعرفة في نذر مشي حج يتم حجه ماشيًا، أو راكبًا من حيث وطئ هل يقضي ماشيًا من حيث حلف أو من حيث ركب، وهل يجزئه مشيه بعد وطئه حتى يحل بعمرة قال: يقضي ماشيًا من ميقات حجه المفسد؛ لأنه المشي الممنوع فيه الوطء ومشيه قبله مجزئ.
قلت: أعليه مع هدي الفساد هدي تبعيض المشي؟
ابن رُشد: معناه هل يجزئه مشيه بعد وطئه حتى يحل بعمرة إن حجه فاته بعد الفساد لعدم جواز فسخ الحج، ولو فسد في عمرة.
ورأيت لبعض الشيوخ في حواشي الكتب على هذه المسألة قد روي عن مالك: أن فاسد الحج يصير إلى عمرة، وهو غلط لم يوجد لمالك ولا لغيره وأراه وهم للفظ وقع في ثالث حجها ليس على ظاهره أو لمسألة وقعت في النوادر خطأ في النقل، وقوله مشيه قبل ميقاته مجزئ خلاف قول مالك وابن القاسم فيها، ونص ابن حبيب أن الركوب اختيارًا يوجب إعادة كله، ولم يجبه عن هدي التفريق والآتي على قوله في السماع بصحة متقدم مشيه سقوطه، وعلى قولها يعيد المشي من حيث حلف إلا أن يكون وطئه ناسيًا فيجزئ مشيه من الميقات، ويجب عليه هدي التفريق.
قلت: كذا في البيان والأظهر لزوم الدم على ما في السماع؛ لأنه في الاعتداد بمشي ما قبل الميقات كالناسي فكذا في الدم أحرى، وفيها له أداء فرضه عقب أداء نذره بعمرة