قال: وقد منع عمرو بن العاص جيشه، وقيد النار في ليلة باردة، فلما قدموا شكوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عمرو: كان في أصحابي قلة، فكرهت أن يراهم العدو، فأعجبه صلى الله عليه وسلم ذلك.
قال: وإنما يسألونه فيما يخاف فيه الهلكة، ويجتمه على أنه خطأ، فيسألونه ويناظرونه، فإن أظهر صوابه؛ أطاعوه وإلا فلا، وقد رجع الصحابة لرأي أبي بكر في قتال أهل الردة وإنفاذ جيش أسامة، وإن رأى بعضهم رأي الأمير رجع إليه من خالفه، والإمارة في الحرب غير الإمارة في غيره، إنما يقدم فيها العالم بها مع الفضل، ولا ينظر في نسبه أعربي هو أو مولى؟ وقد يقدم فيها الأدنى فضلاً على الأفضل لفضل علمه بها.
وسمع القرينان/ قيل لمالك: يقال: خير السرايا أربعمائة. قال: قد بعث صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة على سرية فيها ثلاثمائة، وربما بعث الرجل والرجلين سرية.
ابن سَحنون عنه: ليس في السرية حد؛ إنما ذلك باجتهاد الوالي بقدر ما يرى من شدة الخوف وكثرة العدو.
وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: لا بأس ببعث السرايا سراً وعلانيةً، ولا أرى إلا أن يكون كتيبة من ذوي شجاعة ولو قلوا، (رب رجل خير من كتيبة)، ولا ينبغي أن يكون في غرر؛ لأن وهنها وهن للجيش.
الشيخ عن الموازيَّة: لا تخرج سرية دون إذن الإمام.
عبد الملك: إن خرجوا دون إذنه عصوا، ولا ينفلون ويؤدبون.
سَحنون: أصحابنا يرون إن خرجوا في قلة وغرر دون إذنه؛ فله منعهم الغنيمة؛ أدباً لهم.
سَحنون: أما جماعة لا يخاف عليهم؛ فلا يحرموا الغنيمة.
وروى ابن القاسم في قوم أتوا المصيصة، فوجدوا الوالي اخرج سرية، فلحقوا بهم، ولم يدخلوا القرية خوف منع الوالي من لحوقهم بهم؛ لا بأس بذلك.