مسلماً"، ويكون في الطريق رافعاً صوته بالتلبية، فإذا وصل إلى مزدلفة، فلْيبتْ بها، وهو واجب عند الشافعي والحنابلة، وسنة عند الحنفية والمالكية، لكن عند المالكية النزولُ بها واجب، ويحصل المبيت بالحضور بالمزدلفة ساعةً من النصف الثاني من الليل، وهو مقتضى مذهب الحنابلة، والسنة عند الشافعية، والمالكية، والحنابلة: أن يصلي بها المغرب قبل حطِّ الرحال وتبريك الجمال إن تيسَّر، فإذا حطوا رحالهم، يصلي العشاء الآخرة بإقامة بلا أذان، ولا يصلي بينهما شيئاً، وعند الحنفية: أنه لو صلى المغرب أو العشاء في الطريق أو بعرفة، لم يجز به عند أبي حنيفة، ومحمد، وعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر فإذا طلع الفجر، سقط القضاء.
وقالوا: إن من ضلَّ الطريق بين عرفة ومزدلفة، أو كان مريضاً لا يقدر على المشي، وليس له محمل، لا يصليهما دون المزدلفة، إلا أن يخاف طلوع الفجر قبل بلوغ المزدلفة، فيجوز، والخلاف فيمن يجمع ويقصر، ومن لا يجمع ولا يقصر، كالخلاف في صلاة الظهر والعصر يوم عرفة، وقد تقدم، غير أن الحنفية لا يشترطون في جواز هذا الجمع ما حكيناه عنهم أنهم شرطوه في الجمع بعرفة.
ويستحب عند الشافعية: الاغتسالُ بالمزدلفة بعد نصف الليل للوقوف بالمشعر الحرام، وقالت الحنابلة: إنه مستحب للمبيت. قلت: وليس بسنة ثابتة كما مر، ويستحب الإكثار في هذه الليلة من التلاوة والذكر والدعاء والصلاة، قال الغزالي: إحياء (١) هذه الليلة الشريفة من محاسن القربات لمن يقدر عليه، انتهى.
ويروى أن الدعاء يستجاب بالمزدلفة، وهذه الليلة هي ليلة العيد، وقد انضم إلى شرف الليلة شرفُ المكان، وكونه في الحرم والإحرام ومجمع الحجيج، ويجوز عند الأربعة: تقديم الضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم بعد نصف
(١) لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحياء هذه الليلة، بل في هديه أنه هو نام بالمزدلفة حتى أصبح، ولم يحي تلك الليلة، وأيضاً ما ثبت عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء.