للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويستحب عند الشافعية: إذا رأى البيت أن يرفع يديه بباطن كفيه كما يرفعهما للدعاء، ولا يشير بيده ولا بالسبابة إلى البيت كما يفعله بعض العوام؛ فإن ذلك بدعة، وبه قال الحنابلة، وعند الحنفية: لا يرفع يديه عند رؤية البيت، وبه قال مالك، واستدلوا بحديث ابن جريج: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى البيت، رفع يديه، وقال: "اللهمَّ زِدْ. . . إلخ" رواه الشافعي في "مسنده"، وقال: ليس في هذا شيء، فلا أكرهه، ولا استحبه. قال البيهقي: فكأنه لم يعتمد على الحديث؛ لانقطاعه، وعن جابر: وسئل عن الرجل يرى البيتَ يرفع يديه، فقال: لقد حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكن يفعله، رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وسنده ضعيف، وفيه مقال.

والحاصل: أنه ليس في الباب ما يدل على مشروعية رفع اليدين عند رؤية البيت، وهو حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل.

٧ - السابع: إذا دخل المسجد، بدأ الطواف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل، بدأ به، ولم يصلِّ قبل ذلك تحيةَ المسجد، ولا غير ذلك، بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت، فله ألا يعرج على شيء دون الطواف، إلا أن يجد الناس في المكتوبة، فيصلي معهم ثم يطوف.

[٤ - فصل في آداب الطواف]

إذا أراد افتتاح الطواف؛ إما للقدوم، وإما لغيره، فينبغي أن يراعي أموراً.

الأول: الطهارة، وفي وجوبها في المطاف نزاع بين العلماء؛ فإنه لم ينقل أحدٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى المحدِثَ أن يطوف، ولكنه طاف طاهراً، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى الحائض عن الطواف، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "مفتاح الصلاة: الطهور، وتحريمها: التكبير، وتحليلها: التسليم"، فالصلاة التي أوجب لها الطهارة، ما كان يفتتح بالتكبير، ويختتم بالتسليم، كالصلاة التي فيها ركوع وسجود، كصلاة الجنازة، وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة فليس من هذا.

والاعتكافُ: يُشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق،

<<  <   >  >>