في يوم النحر، ولا في ليلته، وهو شاذ، ويرد على من أخرج يوم النحر من أشهر الحج قوله - صلى الله عليه وسلم - في يوم النحر:"هذا يوم الحج الأكبر" كما في حديث ابن عمر عند البخاري، وأبي داود، وابن ماجه.
وبالجملة: فالإحرام بالحج قبل أشهر الحج ليس بمسنون، بل مكروه، وإذا فعله، فهل يصير محرماً بعمرة أو حج؟ فيه نزاع، قال الشافعي: إن أحرم قبلها، لا ينعقد حجاً، ويكون عمرة، وقال أبو حنيفة: ينعقد إحرامه بالحج، وإذا عمل شيئاً من أعمال الحج؛ من طواف وسعي قبل أشهر الحج، لا يجوز باتفاق أهل العلم.
[١٥ - فصل في جواز العمرة في جميع السنة]
عن أنس -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عُمَرٍ، كلُّهن في ذي القعدة، إلا التي مع حجته، رواه مسلم، ومثله من حديث عائشة وابن عمر عند البخاري وغيره، وفي الباب عن أبي هريرة عند عبد الرزاق، وفي حديث عائشة عند سعيد بن منصور: اعتمر ثلاث عمر: مرتين في ذي القعدة، وعمرة في شوال، قال في "الفتح": إسناده قوي. ويجمع بينهما: بأن ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة، ويؤيده ما رواه ابن ماجه بسند صحيح عن عائشة بلفظ: لم يعتمر - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة، قال في "الهدي النبوي": ما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان قط، وكانت عمره كلها في أشهر الحج، مخالفاً لهدى المشركين؛ فإنهم يكرهون العمرة فيها، وهذا يدل على أن الاعتمار في أشهر الحج أفضلُ منه في رجب بلا شك، انتهى.
قلت: وقع الاختلاف في أن العمرة في رمضان أفضلُ؛ لحديث ابن عباس: عمرة في رمضان تعدلُ حجة، رواه الجماعة إلا الترمذي، أو في أشهر الحج، فقيل: في رمضان لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل، وأما في حقه، فما صنعه فهو أفضل، وإليه ذهب الجمهور، وعن علي -عليه السلام-: في كل شهر عمرة، رواه الشافعي، وأخرجه البيهقي من طريقه بإسناد صحيح، وقال الشوكاني في "المختصر": وهي مشروعة في جميع السنة.