للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي "البحر": "لكم بكل صوفة من جلدها حسنة، وكل قطرة من دمها حسنة، وإنها لتوضع في الميزان، فأبشروا"، وسأله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن أرقم: ما هذه الأضاحي يا رسول الله؟ قال: "سنة أبيكم إبراهيم"، قال: فما لنا منها؟ قال: "بكل شعرة حسنة"، قال: يا رسول الله! فالصوف؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة" رواه أحمد بن حنبل.

[١٣ - فصل في الحلق والتقصير]

فإذا فرغ من الذبح، فالسنة عند الشافعية: أن يحلق رأسه كلَّه، أو يقصِّر من شعر رأسه، ويستقبل القبلة، ويبتدىء بمقدَّم رأسه، فيحلق الشق الأيمن إلى العظمين المشرفين على القفا، ثم يحلق الباقي، وبه قال الشافعية والحنابلة، وقال الحنفية: يعتبر البداءة بيمين الحالق لا المحلوق، ويبدأ بشق المحلوق الأيسر، والحديث يرد عليهم، والأصلع يُستحب له إمرارُ الموسى على رأسه، والحديث يدل على أن الحلق أفضل من التقصير؛ لتكريره - صلى الله عليه وسلم - الدعاء للمحلقين، وترك الدعاء للمقصرين في المرة الأولى والثانية مع سؤالهم ذلك، وظاهر صيغة المحلقين: أنه يُشرع حلقُ جميع الرأس؛ إذ لا يقال لمن حلق بعض رأسه: إنه حلقه إلا مجازاً، وقد قال بوجوب حلق الجميع: أحمد، ومالك، واستحسنه الكوفيون، والشافعية، ويجزىء البعض عندهم، واختلفوا في مقداره، فعن الحنفية: الربع، إلا أن أبا يوسف قال: النصف، وعن الشافعي: أقلُّ ما يجب حلق ثلاث شعرات، وهكذا الخلاف في التقصير.

قلت: وعندي: هذا التفصيل فضول، والسنَّة أحقُّ بالاتباع. والمرأة لا تحلق باتفاق الأربعة، ويجب على المرأة التقصير من جميع شعر رأسها. ويدخل وقتُ الحلق عند الشافعية بانتصاف ليلة النحر، وأفضلُ أوقاته عندهم ضحوة النهار، ولا يفوت وقته ما دام حياً، ولا يلزم بتأخيره شيء، ولا يختص بمكان، وعند أبي حنيفة: يختص بزمان، وهو أيام النحر، وبمكان، وهو الحرم، فلو خالف، لزمه دم.

والصحيح عند الحنابلة: أنه لا يلزم بتأخيره شيء، وعند المالكية: أنه إذا

<<  <   >  >>