تحبُّ؟ فطوبى لمن أحبَّه المولى، وحملَه إلى المُقام الأعلى، وأنشد يقول:
دعوتُ إلى الزيارةِ أهلَ وُدِّي ... ولمْ أطلبْ بها أحداً سواهُمْ
فجاؤوني إلى بيتي كِراماً ... فأهلًا بالكرام ومَنْ دعاهُمْ
وقال بعضهم:
هي البلدُ الأمين وأنتَ حِلٌّ ... فطاها يا أمينُ فأنت طاها
ووجِّهْ حيث كنتَ كذا إليها ... ولا تعدِلْ إلى شيء سواها
فوجهُ الله قبلةُ كلِّ حيٍّ ... لمن شهد الحقيقةَ واجتلاها
وهذا البيتُ بيتُ الله فيه ... إذا شاهدْتَ في المعنى سناها
فهلِّلْ عند مشهده كفاحًا ... وزمزمْ عندَ زمزمِه شِفاها
وقلْ بلِسان عرفك في رباها ... لنفسي في مِنى بلغَتْ مُناها
إليكَ شددتُ يا مولاي رَحْلي ... وجئتُ ومهجتي تشكو ظَماها
وها أنا جارُ بيتك يا إلهي ... وبالأستار ممتسكٌ عُراها
وللجيرانِ والضيفانِ حقٌّ ... على الجارِ الكريمِ إذا رعاها
إليكَ شفيعَنا الهادي محمَّد ... ومن قد حلَّ جهراً فَي حِماها
شفيع الخلقِ يومَ الحشر حقاً ... رسولُ الله أقوى الخلق جاها
عليه من المهيمِنِ كلَّ وقتٍ ... صلاةٌ غيرُ منحصِرٍ مَداها
٦ - فصل في الموت بها، وذكر من دُفن بها
عن حاطب بن بَلْعَتة (١)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "من مات في أحد الحرمَيْن، بُعث يوم القيامة من الآمنين" أخرجه أَبو الفرج وأخرج نحوه وأبو حفص المَيَّانشي، وفي الباب أخبار وآثار، وبمكة خلق كثير من الصحابة: منهم: سيدنا عبد الله بن الزبير، وقصته مشهورة، وسيدنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وكان شقيق عائشة -رضي الله تعالى عنهما-، وفي "أسد
(١) الصواب: حاطب بن أبي بلعتة رضي الله عنه، وهو صحابي، ومن فرسان قريش وشعرائها، ومات بالمدينة.