الأول، فسد حجه، سواء كان قبل الوقوف بعرفة، أو بعده، وعليه بدنة، ويجب المضيُّ في الفاسد، والقضاءُ من قابِل، وإن كان تطوُّعاً، وإذا خرجا؛ أي أهلاَّ، يتفرقان حذراً عن مثل ما وقع في الأول، وإن جامع بين التحللين، لا يفسد حجه، وعليه الفديةُ، ولا قضاء عليه، وهي في قول: شاة، وفي قول: بدنة، انتهى.
قلت: ويُشرع التفرق، وقد حكاه في "البحر" عن علي -رضي الله عنه- وابن عباس، وعثمان، وأكثر الفقهاء، واختلفوا هل هو واجب أم لا؟ فذهب مالك، وعطاء، والشافعي في أحد قوليه: إلى الوجوب، وذهب الشافعي في أحد قوليه: إلى الندب، وقال أبو حنيفة: لا يجب، ولا يندب.
قال الشوكاني: واعلم أنه ليس في الباب من المرفوع ما تقوم به الحجة إلا الموقوف، وهو ليس ممن يقبل المرسل، ولا رأى حجية أقوال الصحابة، فهو في سعة عن التزام هذه الأحكام، وله في ذلك سلف صالح؛ كداود الظاهري، انتهى.
٢٥ - فصل في صيد المُحْرِم
قال الله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[المائدة: ٩٦] واختلف أهل العلم في تفسير الصيد، فقال في "الهداية": صيد البحر: ما يكون توالده ومثواه في البحر، وقال في "الأنوار": لا يحرم ما لا يعيش إلا في البحر، ويحرم الطائر الذي يغوص في الماء ويخرج؛ فإنه برّي، انتهى. ويحرم عليه صيدُ البر المأكولُ والمتولدُ من مأكول غيره، سواء كان مملوكاً، أو غير مملوك، ووحشياً، أم في أصله وحشي، ويحرم قتله وضربه وتنفيره، وإتلاف شيء من أجزائه أو جنينه أو فرخه أو بيضه، ويحرم إثباتُ اليد عليه، والإعانةُ على شيء من ذلك بقول أو فعل، أو إشارة أو إعارةِ آلة باتفاق الأربعة على جميع ذلك.
ويجب في ذلك الضمان، ولذلك يحرم عند الحنفية والمالكية: صيدُ الممتنع المتوحِّش بأصلِ الخلقة الذي ليس بمأكول، ولا له أصل مأكول، ولا يحرم