الواحدة، وقال آخرون: لا يتعين النعل، بل كلُّ ما قام مقامَها أحرى، وفي "الهداية": لا يجب التعريف، ولو عرف بهدي المتعة، فحسن، انتهى.
ويعتبر فيه ما يعتبر في الضحايا، ويتصدق بجلال الهدي وخطمها، وإن عطبت البدنة في الطريق، فقال أبو حنيفة: إن كان تطوعاً، نحرها, ولم يأكل هو ولا غيره من الأغنياء، وإن كان واجباً، أقام غيرها مقامَها، وصنع بها ما شاء، وقال الشافعي: يأكل ويتمول إن كان تطوعاً، وإن كان واجباً، لم تحل له ولا لرفقته، فقراءَ كانوا أو أغنياء، بل يغمس نعلها في دمها، ويضرب به صفحة سنامها؛ ليعلم من مر بها أنها هدي، فمن كان محتاجاً، أكل، ومن لم يكن محتاجاً، لم يأكل. ولا يحرم على من بعث بهدي شيء من الأمور التي تحل له، وبه قال الجمهور، وقد أخرج النسائي من حديث جابر: أنهم كانوا حاضرين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعث الهدي، فمن شاء أحرم، ومن شاء ترك، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث. ولا يجوز بيع الهدي لإبدال مثله أو أفضل.
وفي "سفر السعادة": كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يهدي الغنم والإبل، وكان يهدي عن أمهات المؤمنين البقر، ولما حجَّ، ساق الهدي معه، ولما اعتمر أيضاً ساق معه الهدي، وكان إذا أرسل الهدي على يد أحد، يأمره إذا أشرف شيء منها على الهلاك أن يذبحه، ولا يأكل هو ولا مَنْ في تلك الصحبة، وإن حضر أجانب، قسم المذبوح بينهم، وكان يهدي البقرة والبدَنة عن سبعة، وكان إذا ذبح الغنم، جعل قدمه المباركة على صفحتها. وأباح لأمته أن يأكلوا من هديهم، ويتزودوا، وكان يقسم الهدي حيناً، وحيناً يقول:"من له حاجة، فليقطعْ لنفسه"، واستدل بعضهم بهذا على جواز الانتهاب في النثار. وما ساق من الهدي في العمرة، نحر عند المروة، وما ساق في الحج، نحره في منى، ولم ينحر أبداً إلا بعد صلاة العيد، ولم ينحر قبل يوم العيد أبداً، انتهى.
[٢١ - فصل في ركوب الهدي والحمل عليه]
دلت الأحاديث على جواز ركوبه من غير فرق بين ما كان واجباً أو تطوعاً، وبه قال عروة بن الزبير، ونسبه ابن المنذر إلى أحمد، وإسحاق، وبه قال أهل