قال الخطابي: ضعفوا إسناده. وعن أبي عمران الجوني، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ركب البحرَ عند ارتجاجه، فمات، برئت منه الذمةُ رواه أحمد، وفي سنده مجهول، والارتجاج: الاضطراب، وفيه دلالة على عدم جواز ركوب البحر في أوقات اضطرابه وطوفانه. وعن الحسن، عن سمرة: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتَّجرون في البحر، وفي سماع الحسن عن سمرة مقال، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصيادين لما قالوا: إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فدل على جواز ركوب البحر للحج، إلا أن يغلب على ظنه الهلاك.
قال الشوكاني: غايةُ ما في ذلك: أن يكون ركوبُ البحر للصيد والتجارة، مما خُصَّ به عمومُ مفهوم الحديث على ما فرض صلاحيته للاحتجاج، انتهى. ولا طريق لأهل الهند إلا ركوبُ البحر للحج، والغالبُ فيه السلامة، فلا يسقط الفرض على ظن الهلاك، ومن أسقطه، فقد أخطأ. وعن حسين بن علي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمانٌ لأمتي من الغرق إذا ركبوا أن يقولوا: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[هود: ٤١]، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الزمر: ٦٧] رواه ابن السني. وقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- البحر وفلكه وموجه في كتابه العزيز في مواضع.
[٧ - فصل في حج الصبي والرقيق والحج عن الغير]
قال ابن بطال: أجمع أئمةُ الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ، وإذا حج، كان له تطوُّعاً عند الجمهور، قال القاضي عياض: أجمعوا على أنه لا يجزيه إذا بلغ عن حجة الإسلام، إلا فرقةٌ شذت، فقالت: يجزيه؛ لقوله:"نعم"، وظاهره: كون حج الصبي حجاً مطلقاً، والحج إذا أطلق تبادر منه إسقاطُ الواجب، ولكن العلماء ذهبوا إلى خلافه، وقد ذهب طائفة من أهل البدع إلى منع الصغير من الحج، قال النووي: وهو مردود، ولا يُلتفت إليه؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وإجماع الأمة على خلافه، انتهى. قال أبو حنيفة: لا يصح إحرامه، ولا يلزمه شيء من محظورات الحرام، وإنما يحج به على جهة التدريب.