ما صليتُ عليه، وبعضهم كان له جارٌ موسر، فمات ولم يحجَّ، فلم يصل عليه، وكان ابن عباس يقول: من مات ولم يحج، سأل الرجعة إلى الدنيا، وقرأ قوله تعالى: {رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠] قال: أَحُجُّ.
[٥ - فصل في اعتبار الزاد والراحلة]
عن أنس في قوله تعالى:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، قال: قيل: يا رسول الله! ما السبيل؟ قال:"الزاد والراحلة"، رواه الدارقطني، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، والبيهقي. وفي الباب عن ابن عمر عند الشافعي، والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، والدارقطني، وفي سنده ضعف. وعن جابر، وعلي، وابن مسعود، وعائشة، وابن عمر، وعند الدارقطني من طرق، قال الحافظ: كلها ضعيفة. قلت: ولكن هذه الطرق بعضُها يقوي بعضاً فيصلح الاحتجاج بها، وبذلك استدل من قال: إن الاستطاعة في القرآن: هي الزاد والراحلة، والأكثر على أن الزاد شرطُ وجوب، وهو أن يجد ما يكفيه ويكفي من يعول حتى يرجع، وكذا الراحلة شرط وجوب عند ابن عباس، وابن عمر، والثوري، وأكثر الفقهاء. وقال ابن الزبير، وعطاء، وعكرمة: إن الاستطاعة الصحةُ لا غير، وقال مالك: إن من قدر على المشي ولا يجد راحلة، لزمه بقوله تعالى:{يَأْتُوكَ رِجَالًا}[الحج: ٢٧] ومَنْ عادُته السؤال، لزمه، وإن لم يجد الزاد. وفي كتب الفقه تفاصيلُ في قدر الاستطاعة، ذكرت بعضَها في كتابنا "نيل المرام من تفسير آيات الأحكام"، والذي دل عليه الدليل، هو اعتبار الزاد والراحلة، وإن قدر على المشي.
[٦ - فصل في ركوب البحر]
عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يركب البحرَ إلا حاجٌّ أو معتمرٌ أو غازٍ في سبيل الله -عز وجل-؛ فإن تحتَ البحر ناراً، وتحت النار بحراً" رواه أبو داود، وسعيد بن منصور، في "سننهما"، والبيهقي،