الأول: الشافعيُّ، وإلى الثاني: أبو حنيفة، ولا مفهوم لقوله: متعمداً، فلا فرق عند الحنفية ولا الشافعية بين العامد والخاطىء والناسي للإحرام، واختلفت الروايات في الجراد يقتله المحرم، والصحيح: أن فيه فدية، قال أبو حنيفة: صدقة، وإن قلَّت، وقال الشافعي: القيمة، وفي الضبع يصيبه المحرم كبشٌ، رواه أهل السنن عن جابر مرفوعاً، وصححه البخاري، وعبد الحق، قال البيهقي: هو حديث جيد تقوم به الحجة.
[٢٧ - فصل في قتل المؤذيات]
يجوز للمحرم قتل الفواسق الخمس في الحِلِّ والحرم، ولا شيء عليه في قتلها، وهن: الغراب، والحِدَأَة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور؛ لحديث عائشة في "الصحيحين"، وفي مسلم من حديث ابن عمر زيادةٌ: الحية. وفي قتل الكلب الذي ليس بعقور ولا منفعةَ فيه خلافٌ، قيل: يكره، وقيل: يحرم، ولا يجوز قتلُ ما فيه منفعة من الكلاب، سواء كان أسود، أم غير أسود، وقاس الشافعي على هذه الأعيان الخمس: كلَّ حيوان لا يؤكل لحمه، فقال: لا فدية على من قتلها في الإحرام أو الحرم؛ لأن الحديث يشتمل على أعيان، بعضُها سباع ضارية، وبعضها هوام لا يدخل في معنى السباع، ولا هي من جملة الهوام، وإنما هو حيوان مستخبث، وتحريمُ الأكل يجمع الكل، فاعتبره.
وقالت الحنفية: لا جزاء بقتل ما ورد في الحديث، وقاسوا عليها الذئب، وقالوا في غيرها من الفهد والنمر والخنزير والأسد، وجميعِ ما يؤكل لحمه: عليه الجزاء بقتلها، إلا أن يبتدئه شيء منها، فيدفعه عن نفسه فيقتله، فَلا شيء عليه، وكذا في سباع الطير؛ كالبازي والصقر جزاءٌ عندهم، وليس عندهم شيء في قتل البرغوث، والبق، والزنبور، والبعوض، والقرادة، وإذا قرصته البراغيث أو القمل، فله إلقاؤها عنه لا قتلها, ولا شيء عليه، وأما التفلِّي بدون التأذي، فهو من الترفُّه، فلا يفعله، ولو فعله، فلا شيء عليه.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: ولأن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد، ولم يندفع إلا بالقتال، قاتله، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من قاتل دون دينه،