الأسطوانتين اللتين تليان الباب، فحمد الله وأثنى عليه، وسأله واستغفره، ثم قام حتى أتى ما استقبل من دبر الكعبة، فوضع وجهه وخده عليه، وحمد الله وأثنى عليه واستغفره، ثم انصرف إلى كل ركن من أركان الكعبة، فاستقبله بالتكبير والتهليل والتسبيح والثناء على الله، والمسألة والاستغفار، ثم خرج فصلى ركعتين مستقبلَ وجه الكعبة، ثم انصرف.
ويروى: أن عمر بن عبد العزيز كان إذا دخل البيت يقول: اللهمَّ إنك وعدتَ الأمان لداخلي بيتك، وأنت خيرُ منزول به، اللهمَّ فاجعل أماني أن تكفيني مؤنة الدنيا، وكل هول دون الجنة حتى أبلغَها برحمتك، انتهى. ولا يدخلها إلا حافياً، والحِجْر أكثرُ من البيت، فمن دخله، فهو كمن دخل الكعبة، ويستحب دخولُه، والدعاء فيه، ويروى أن الدعاء يستجاب فيه، قال النووي: ومن الدعاء المأثور فيه: يا ربِّ أتيتك من شقة بعيدة آملاً معروفك، فأنلني معروفاً من معروفك تغنيني به عن معروف مَنْ سواك يا معروفاً بالمعروف.
[١٩ - فصل في صفة العمرة المفردة، وما يتصل بها من إكثار الاعتمار والطواف، وشرب زمزم وغيرها]
إذا أراد أن يعتمر قبل حجه أو بعده كيفما أراد، فليغتسل لإحرامه، ويتجرد عن المَخيط، ويلبس ثوبي الإحرام، ويصلي ركعتيه، ويحرم بالعمرة من ميقاتها. وأفضل مواقيتها: الجعرانة، ثم التنعيم، ثم الحديبية عند الشافعية، والتنعيم عند الحنفية، ومكة المكرمة عند الحنابلة، وينوي العمرة، ويلبي، ويقصد مسجد عائشة، ويعود إلى مكة وهو يلبي حتى يدخل المسجد الحرام، فإذا دخل المسجد، ترك التلبية عند الثلاثة غير المالكية إذا شرع في الطواف، وقال المالكية: إن المعتمر مَنْ المواقيت، ومن فاته الحج يلبي إلى رؤية البيت، والمعتمر من القرب؛ كالتنعيم يلبي إلى بيوت مكة أو المسجد، ويطوف بالبيت سبعاً ينوي به طواف العمرة، ويرمُل فيه بالاتفاق، ويضطبع، عند الثلاثة غير المالكية، ثم يصلي ركعتي الطواف، ثم يعود إلى الحجر الأسود، فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا، ويسعى سبعاً.