للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا مما عمل العلماء والأخيار به، فشربوه لمطالب لهم جليلة فنالوها، ويروى أن مياه الأرض ترفع قبل يوم القيامة غير زمزم، ولا بأس بالاغتسال والتوضي به، لكن يكره الاستنجاء به.

وكانت عائشة أم المؤمنين تحمل ماء زمزم، وتخبر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله، رواه الترمذي. قال أهل العلم: يجوز إخراجُ مائها ونقلُه إلى جميع البلدان، وقد كان السلف يحملونه. ويستحب الإكثار بمكة من الصدقة والصوم والقراءة وسائر الطاعات الممكنة.

[٢٠ - فصل في طواف الوداع]

إذا فرغ الحاج من المناسك، وأراد الإقامة بمكة، لم يطف للوداع، وبه قال الحنابلة: وإن أراد مفارقة مكة والعودَ إلى وطنه، وجب عليه عند الشافعية طواف الوداع، سواء كان وطنه في الحرم، أم خارجه، وعند الحنابلة: أنه يجب على من أراد مفارقة الحرم والعودَ إلى وطنه، وعن ابن عباس، قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينفرْ أحدٌ حتى يكونَ آخر عهده بالبيت"، رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وفي رواية: إلا أنه خفف عن المرأة الحائض، متفق عليه، وفيه دليل على وجوب طواف الوداع.

قال النووي: وهو قول أكثر العلماء، ويلزم لتركه دم، وقال مالك، وداود، وابن المنذر: هو سنة، لا شيء في تركه.

قال الحافظ: والذي رأيته لابن المنذر في "الأوسط": أنه واجب؛ للأمر به، إلا أنه لا يجب بتركه شيء.

قلت: قد اجتمع في طواف الوداع أمرُه - صلى الله عليه وسلم - ونهيُه عن تركه، وفعله الذي هو بيان للمجمل الواجب، ولا شك أن ذلك يفيد الوجوب، قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء: ليس على النفساء والحائض التي أفاضت طوافُ الوداع، وروينا عن عمر بن الخطاب، وابن عمر، وزيد بن ثابت: أنهم أمروها بالمقام إذا كانت حائضاً لطواف الوداع، فكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة، إذ

<<  <   >  >>