قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والإكثار من الطواف بالبيت من الأعمال الصالحة، وهو أفضل من أن يخرج الرجل من الحرة ويأتي بعمرة مكية، فإن هذا لم يكن من أعمال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولا رغب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته، بل كرهه السلف، انتهى.
ويستحب الإكثار من الصلاة بالمسجد الحرام؛ فقد صح: أن الصلاة فيه بمئة ألف من الصلاة في غيره، ويستحب الإكثار من الاعتمار عند الشافعية والحنفية، لا سيما في شهر رمضان؛ فإن العمرة فيه كحجة، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكره المالكية: الاعتمار في السنة أكثر من مرة. ويستحب الدعاء بالملتزم، وهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، وهو أحد المواضع المعروفة بإجابة الدعاء.
ويستحب لمن جلس في المسجد الحرام أن يكون وجهه إلى الكعبة، وأن يقرب منها، وينظر إليها إيماناً واحتساباً؛ فإن النظر إليها عبادة. وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- لا يخرج من المسجد حتى يستلم الركن، في طواف كان، أو في غير طواف، ونقل مثلُ ذلك عن جماعة من علماء التابعين -رحمهم الله تعالى-، انتهى.
وليكثر من شرب ماء زمزم، ولَيْستَق بيده من غير استنابة إن أمكنه، وليرتو منه حتى يتضلَّع، ويدعو عند شربه بما شاء من الأدعية الشرعية مثل (١): اللهم اجعلْه شفاءً من كل داء وسقم، ارزقني الإخلاصَ واليقين، والمعافاةَ في الدنيا والآخرة؛ فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إنها مباركة، وإنها طعام طعم، وشفاء سقم"، وقال:"ماء زمزم لِما شُرب له"؛ أي: يشفي ما قصد به، أخرجه أحمد، وابن ماجه عن جابر، وابن أبي شيبة، والبيهقي، والدارقطني، والحاكم، وصححه المنذري، والدمياطي، وحسنه الحافظ، وفي إسناده عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف، وفيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله، سواء كان من أمر الدنيا، أو أمور الآخرة؛ لأن "ما" في قوله: "لما شرب له" من صيغ العموم.
(١) اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء.