أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم" أخرجه النسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"، وأخرج البزار من حديث جابر مثله، قال المنذري: برجال ثقات. وسألته - صلى الله عليه وسلم - عائشة، فقالت: الحجُّ أفضلُ الأعمال، أفلا نجاهدُ؟ قال: "لكن أفضل الجهاد حجّ مبرور" ذكره البخاري، والمبرور: ما لم يُخالطه إثم. قال ابن إسحاق: إنه لم يبعث الله نبياً بعد إبراهيم إلا وقد حجَّ البيت. وعنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله، الدرهم بسبع مئة ضعف"، وفي الباب ما لا يتسع له المقام.
[٢ - فصل في آداب سفر الحج، وهي كثيرة]
منها:
١ - أنَّ من عَزَمَ على الإتيان بفريضة الله، والإجابة لنداء خليل الله، وخطر بباله السفرُ لذلك، فيُستحب له أن يشاور فيه مَنْ يعلم من حاله النصيحة والشفقة والخيرة، ويثق بدينه ومعرفته، قال الله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩] ودلائله كثيرة.
ومنها:
٢ - أنه إذا شاور، وظهر أنه مصلحة، فليقدم استخارةَ الله سبحانه في ذلك؛ فإنها من هديه - صلى الله عليه وسلم - في كل أمر يريده، وكان يعلِّمها كما يعلِّم السورةَ من القرآن، فيصلِّي ركعتين من غير الفريضة، ويدعو بدعاء الاستخارة: "اللهمَّ إني أَستخيرُك بعلمِك، وأَستقدرُك بقدرتك، وأسألُكَ من فضلِك العظيمِ، فإنَّكَ تقدِرُ ولا أَقدر، وتعلمُ ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب، اللهمَّ إن كنت تعلم أن هذا الأمر [ويُسَمّيه] خيرٌ لي في ديني ومَعادي ومعاشي وعاقبة أمري، وعاجِلِه وآجلِه، فاقُدْره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنتَ تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعادي ومعاشي وعاقبة أمري، وعاجله وآجله، فاصرفْه عني، واصرفي عنه، وقدّرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم رَضني به"، ولا تعود الاستخارة إلى نفس الحج؛ فإنه خيرٌ لا محالة، بل تعود إلى تعيين حينِ الشروعِ فيه وتفاصيل أحواله، وإن كان حاجّاً أو معتمراً تعلم مناسك الحج، أو استصحب معه كتاباً في ذلك، ولو تعلَّمها واستصحبَ كتاباً، كان أفضل.
ومنها:
٣ - أن يبدأ بالتوبة، وردِّ المظالم، وقضاء الديون، وإعداد النفقة لكل