ذلك، ولا جزاء فيه عند الشافعية، ولا يأكل المحرم لحمَ صيد ذبحه قبل الإحرام، ويأكل لحم صيد اصطاده الحلال لا لأجله، ولا بإشارته. وقيل بتحريم الأل من الصيد على المحرِم مطلقاً، وبجوازه مطلقاً، وبه قال الكوفيون وطائفة من السلف.
قال الشوكاني: وكذا الحديثين يستلزم اطراحَ بعضِ الأحاديث الصحيحة بلا موجِب، والحقُّ ما ذهب إليه الجمهور من الجمع بين الأحاديث المختلفة، فقالوا: أحاديث القَبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه، ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم، ويؤيد هذا الجمعَ حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"صيد البر لكم حلال وأنتم حرم، ما لم تصيدوا، أو يصاد لكم" رواه الخمسة إلا ابن ماجه، قال الشافعي: هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيسُ، فهذا الحديث صريح في التفرقة بين أن يصيده المحرم، أو يصيد غيرُه له، وبين أن يصيده المحرم ولا يصاد له، بل يصيده الحلال لنفسه، ويطعمه المحرم، ومقيد لبقية الأحاديث المطلقة؛ كحديث الصَّعب، وطلحةَ، وأبي قتادة، ومخصِّص لعموم الآية المتقدمة، انتهى.
[٢٦ - فصل في جزاء الصيد]
قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}[المائدة: ٩٥] هذه الآية الكريمة أصل أصيل في وجوب الجزاء على من قتل صيداً وهو محرِم، ويكون الجزاء مماثلاً للمقتول، ويرجع في ذلك إلى حكم العدلين كما ذهب إليه مالك، وهو ظاهر الآية، وقيل: إنه لا يرجع إلى حكم العدلين إلا فيما لا مثلَ له، وأما فيما له مثل، فيرجع فيه إلى ما حكم به السلف، وإن لم يحكم فيه السلف رجع إلى ما حكم به عدلان. واختلفوا في أي شيء تُعتَبَرُ المماثلة؟ فقيل: في الشكل، أو الفعل، وقيل: في القيمة، وذهب إلى